شعرتُ بمختلفِ الرغبات، ولم تستحوذْ عليَّ إحداهنَّ بالكامل.

لا أتذكّر متى آخرَ مرّةٍ تملَّكتني رغبةٌ ما، وكان ذلك مُحيِّراً جدًّا.

فعندما تمتلك جميعَ الرغبات لا تحسمُ أمرك أبداً.

رغبتُ في النجاحِ وعملتُ من أجله، ولكنني شعرتُ بالضغط أيضاً، وفي انعدام قيمته أحياناً.

رغبتُ ألّا أهتم، ولكن دائماً ما انتهى بي الأمرُ متأثرةً بكلِّ ما تجاهلتُه.

رغبتُ في الحبِّ ولم أحصلْ عليه، رغبتُ في الاستقلاليةِ وخنتُها.

أردتُ أن أعيشَ حياةً مريحة، وفي النهاية أخذتُ أقفزُ بين كلِّ الأشياء،

ولم أصلْ لأيِّ شيءٍ، لأنني امتلكتُ كلَّ الرغبات، أو لأنني لم أعرفْ أبداً ما أردتُه.

هل أردتُ أيّاً من هذا حقّاً؟ أم أنني لم أردْ أيَّ شيء؟

هل فُرِضَت عليَّ رغباتي من قبل المعايير الاجتماعية، آراء عائلتي، أصدقائي، والعالم المحيط بي؟

هل أخذتُ أمتصُّ كلَّ ما رغبَ به الآخرون وآمالَهم المثلى، لأكون في النهاية كائناً مشوّهاً وأدّعي أنَّ هذا هو ما أطمحُ إليه؟

وإن كنتُ في مكانٍ لا يهتمُّ كيف أبدو، ولا ما هي وظيفتي، لا يحكمُ عليَّ من معدّلي الدراسي أو مقدارِ ما أحمله من أموال،

إن كنتُ في مكانٍ لا يُفرض عليَّ أشياءُ مثل الحبِّ والزواجِ والنجاح،

ما الذي كنتُ سأريدُ فعلَه؟ إن لم يُفرَض عليَّ أيُّ شيء، وأصبحتُ حُرَّةً تماماً في عقلي وروحي وجوارحي، ما الرغبةُ التي ستنتابني؟

هل سأرغبُ في مراقبةِ النجوم طوال الليل؟ أم سأسافرُ حولَ العالم؟

ربما كنتُ سأحبُّ قضاءَ وقتي في تربيةِ الحيوانات، أو تلوينَ جدرانِ غرفتي.

كنتُ سأفعلُ كلَّ ما يخطرُ في عقلي، دون التفكيرِ في النتيجةِ الماديةِ التي ستحصدها أفعالي،

لأنني كنتُ سأبحثُ عن المعنى والأثر.

سأتعلَّم لأنني أسيرةُ المعرفة، ليس لأجلِ الاختبار، وأقعُ في الحبِّ ليس لأنني امتلكتُ عنه صوراً مثالية، كنتُ سأعملُ لأنني أقدّمُ شيئاً ما ذا معنىً لي وللآخرين، ليس لأنه توجّب عليَّ ذلك، وسوف أكتبُ دون أن أسعى لإبهارِ أحدٍ بكلماتي.

كلُّ ما أردتُه هو أن أمنحَ الأشياءَ روحاً مني،

أن تكون امتداداً لي، أن أُشكّلها كما أحبّ، لا أن تُشكّلني كما أكره.