عندما كنّا صغارًا، أخبرونا أن المستقبل لوحة بيضاء، وأننا نحن من نرسم عليها بألوان أحلامنا.

لكن ما لم يخبرونا به، هو أن تلك اللوحة ليست ملكنا وحدنا، وأن هناك أيادي كثيرة ستمتد لتغيّر ألوانها، وتمحو خطوطها، وتضيف إليها ما لم نرسمه نحن.

في مثل سني، أرى أن معظمنا لديه حلمٌ كبير، مهما اختلف شكله؛ فهناك من يحلم بالدراسة العليا، ومن يركض وراء المال، ومن يتمنى بيتًا دافئًا وزوجًا ناجحًا.

أما أنا، فلم يعد لدي حلم ثابت… كل يوم أجد نفسي أمام "حلم جديد" ليس لأنه خيار حرّ، بل لأنه مفروض عليّ.

منذ ظهور النتيجة، ومع هذا التنسيق المهوِّل، اكتشفت أننا لا نختار مساراتنا كما يُصوَّر لنا.

بل نحن أشبه بقطار على قضبان، أحدهم قد غيّر مساره في اللحظة الأخيرة، وألقانا في محطة لم نخطط يومًا للوصول إليها.

تخيل أن تمضي سنواتك الدراسية وأنت تبني حلمًا محددًا، ثم يأتي النظام التعليمي ببروده المعتاد ويقول لك: "آسفون، هذا ليس مسارك".

لكن السؤال الأهم… هل علينا أن نستسلم لهذا المسار المفروض، أم نتمرّد عليه؟

هل من الحكمة أن نرضى بكلية أو مجال لا نشعر أننا ننتمي إليه، بدعوى أنها "نهاية المطاف"؟

أم أن الحياة أوسع من أن يحصرنا تنسيق جامعي أو شهادة على ورق؟

ربما يكون الطريق مفروضًا، لكن الوجهة النهائية قد تظل خيارنا.

يمكنك أن تدرس ما لا تحب، لكن تزرع حلمك في مكان آخر؛ في هواية، أو مشروع، أو مهارة تبنيها لنفسك بعيدًا عن الورق والأختام.

يمكنك أن تحوّل الكلية التي لم تتمناها إلى محطة مؤقتة، لا سجن مؤبد.

في النهاية… لست أكتب هذا لأبث التشاؤم، بل لأقول إن تغيير المسار قد يكون قاسيًا، لكنه ليس حكمًا بالإعدام على أحلامك.

ربما لا نملك البداية، لكن النهاية… غالبًا بأيدينا.