مرآةً صغيرة معلّقة على جدار عتيق، أرى كل شيء في الغرفة. وفي الزاوية المقابلة لي، وُضع تمثالٌ، بريقه كان خاطفا للأنظار، وكل من مرّ بجانبه انتصب أمامه في دهشة. أُعجَبت به في صمت، أراقبه يومًا بعد يوم وهو يلمع في الضوء وصمته الذي يوحي بالغموض. بدا لي شامخًا، نبيلاً، وكأن الصدأ لا يعرف طريقه إليه.
بمرور الزمن، بدأت ألاحظ شيئا غريبا، الغبار الذي كان يُزال عنه يوميًا كل صباح، بدأ يُترك لأيام. انعكاسه فيَّ، لم يعد صافياً كما كان. لم يعد يلمع كالسابق. وما ظننته يومًا عابرًا… كان بداية حكاية أخرى لم أخترها، لمحت اقتراب فتاة صغيرة منه، نظرت إليه وهمست: "لقد كنت أعتقد أنه من ذهب؟ أنت فقط… نحاس."
كأن العبارة وقعت داخلي. نعم… وكأنها تصحيح لفكرة رسخت في عقلي لمدة طويلة، تغيرت نظرتي حوله. لم يكن هو المخطئ. لم يحاول حتى خدعني. أنا فقط وضعت الصورة داخل عقلي. والآن… بهتت.
هل أكرهه؟ لا. هو ما زال تمثالًا نحاسيًا جميلًا، مصنوع بدقة متناهية. لكنني لم أعد أنظر إليه بنفس النظرة السابقة، بل وضعته في صورته الحقيقية داخل تفكيري. وربما… أنا نفسي لستُ سوى مرآة من زجاج قد تتشقق. فلماذا كنتُ أنتظر أن يكون هو ذهبًا لا يصدأ؟
التعليقات