ذكر شكسبير في مسرحيته “تاجر البندقية” مثالًا يُبيّن أن من الممكن أن تجد شخصًا ينفجر ضحكًا لأتفه الأسباب، في حين أنّ هناك من الأشخاص من لو رويت لهم نكتة، وأقسمت لهم بأنها كذلك، لما صدّقوك، بل ستجدهم متجهمين عابسين.

وفي حياتنا اليومية، قد نتعرض أنا وأنت للموقف ذاته، لكن ردود أفعالنا تجاهه قد تختلف اختلافًا تامًا، بل تصل أحيانًا إلى التناقض التام. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، من أهمها طبيعة مزاج الشخص: هل هو ميّال إلى الكوميديا أم سوداوي الطبع؟ هل شخصيته مرحة أم جادة إلى حدٍ لا يضحك معه إلا نادرًا؟

يتبيّن إذًا أن المزاج والشخصية من أبرز العوامل التي تحدد استجابتنا لموقف معين، وللأسف الشديد، فإن هاتين الصفتين موهبتان من الله لا يد للإنسان فيهما. لكن يُضاف إليهما عامل آخر يمكن التأثير فيه، وهو الخبرات الحياتية التي مرّ بها الإنسان، والمجتمع الذي نشأ فيه، وطبيعة تفكيره؛ وهذا الجانب هو الذي يمكنك تغييره وتطويره ليتماشى مع المزاج السوي.

فلنفترض أنك أدركت أنك من الأشخاص الذين ينظرون إلى الأمور بتشاؤم، وأن مزاجك ليس من المزاجات المرحة المقبلة على الحياة، ولا المتقبلة للآخرين بسهولة. في هذه الحالة، أعتقد أنّ بإمكانك تغيير ذلك، لكن الأمر يحتاج إلى وقتٍ ومراقبةٍ ذاتية، وقد يتمثل ذلك في ما يلي:

1. أن تُدرك أنك تعاني من هذه الحالة، لذا يجب أن تُؤخر ردّ فعلك على المواقف، فلا يكن ردّك لحظيًا أو انفعاليًا.

2. ابحث عن هواية تحبها وداوم على ممارستها بنفسك. اشغل وقتك بها سواء في عملك أو في أوقات فراغك، وستجد فارقًا كبيرًا في نفسك.

3. خالط أصحاب الأرواح الخفيفة، وابتعد عن أولئك الذين يُثقلون كاهلك بالهموم، ويُظلمون نظرتك للحياة. تجنّب المتشائمين الذين لا يرون شيئًا جميلًا في الدنيا، والذين لا يكفون عن انتقاد الآخرين، ويتدخلون في شؤونهم بلا فائدة تُرجى.

4. إضافة إلى ما سبق، ينبغي أن تحتكّ بأشخاص ذوي تفكير أعمق وعقول أوسع. وغالبًا ما تجد هذا النوع من الأشخاص بين الكُتّاب والمُؤلفين.

اقرأ كثيرًا، خاصة في كتب علم النفس وتحليل الشخصيات. اقرأ كذلك الروايات، وراقب كيف يتصرف أناس يشبهونك. أوصي لك بروايات ديكنز، وماركيز، وهمنغواي، ونجيب محفوظ، ودوستويفسكي.

كما يمكنك أن تقرأ كتبًا من نوعية مؤلفات “دوريس ليسينغ” مثل كتابها “السجون التي اخترنا أن نحيا فيها”.

اقرأ السير الذاتية للمشاهير المحترمين، واطّلع على طرق تفكيرهم. وسيكون رائعًا إن كان كاتب السيرة هو نفسه الشخص الذي تحبّه، وقد كتب سيرته بنفسه.

اقرأ قدر ما تستطيع، فذلك ما سيفتح عقلك. وتجنّب أن تقرأ دائمًا في نفس النوع من الكتب. اطّلع على آراء الآخرين، وناقشها، واتخذ منها موقفًا سواء بالإيجاب أو الرفض. المهم ألا تترك لمزاجك السيئ ونفسيتك الكئيبة أن تتحكما في علاقاتك وتفكيرك وأسلوب حياتك