أعظم القادة ليسوا أولئك الذين يحفرون أسماءهم في سجلات التاريخ بأيديهم وحدها، ولا أولئك الذين يشيدون الصروح بجهدهم الفردي، بل هم الذين يزرعون في القلوب جذوة الإلهام، فتشتعل الأرواح توقًا للمستحيل، وتنطلق العقول متحررة من قيود الخوف والتردد، محلّقة في فضاءات الإبداع والإنجاز. إنهم كالشمس، لا تحتكر نورها، بل تمنحه بسخاء، فتمنح الحياة لكل ما يحيط بها. إنهم أولئك الذين لا يكتفون بأن يكونوا عظماء، بل يجعلون العظمة ممكنة في كل من حولهم، فيبعثون في النفوس روح الإقدام، ويوقظون في العيون شرارات الأحلام النائمة، ويحيون في الصدور نبض الثقة واليقين. هم من يفهمون أن العظمة ليست بناءً يرتفع على أكتاف فرد واحد، بل نورٌ ينتشر، وأثرٌ يمتد، ووهجٌ يوقظ الأمم من سباتها. لا يقودون بالسيطرة، بل بالإلهام، ولا يفرضون الطريق، بل يكشفونه لمن كان يظنه سرابًا. وحين يرحلون، لا يتركون خلفهم مجرد ذكريات، بل يتركون شعلة تتوارثها الأجيال، تستمر في الإضاءة، وتستمر معها قصص من كانوا يومًا مستحيلين، فأصبحوا بفضلهم عظماء.
القادة العظماء: مشاعل الإلهام وصنّاع المستحيل
القائد يموت ولا يموت فكره، القائد الحقيقي من ينجح في جعل من بعده يحملون المشعل ويستمرون حتى بعد رحيله، تماما مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، أول شيء قاله أن من يعبد الله فإن الله حي لا يموت ولو مات محمد-صلى الله عليه وسلم- أي أنه استلم المشعل وتابع في نشر فكره، وهذ ما جعله قائدا حقيقيا خليفة لقائد حقيقي.
التعليقات