الزجاجة الخامسة عشر

إلي رغد ليليّ :

في كل مرة أواجه فيها الأمواج الغاضبة ، التي تضرب سفينتي كأنها تخاصم حبي لكِ ، أتذكر ملحمة "أوديسيوس" ، ذلك البطل الذي استمرت رحلته لعشر سنوات. لقد واجه وحوشًا لا تحصى ، منها "بوليفيموس" ، وهو ابن "بوسيدون"، إله البحر. استخدم "أوديسيوس" ذكاءه للهروب ، لكنه أغضب "بوسيدون" الذي لاحقه بالعواصف والعقبات ، وتحدى الغضب الإلهي ، وكل ذلك ليعود إلى وطنه. وكما كان "أوديسيوس" يبحر نحو "بينيلوبي"، أجد نفسي، رغد ، أبحر نحوكِ، حامل الأمل ، والحب رغم كل العواصف.

هاج البحر وصارت الرياح تصفر كأنها تهددني، رأيت في كل موجة إشارة لأساطير القدماء. تذكرتُ وحش "سيلا" الذي التهم البحارة بلا رحمة ، وتلك الدوامة العنيفة  "شاريبديس" التي كادت تبتلع سفينة "أوديسيوس". شعرتُ أنني أعيش ملحمة خاصة بي ، أقاتل وحوشًا خفية لتبقى سفينتي مستقيمة ، ولأحافظ على وعدي لكِ بالعودة. وفي لحظة ، حين خفتت الأمواج قليلاً ، تخيلتُ أنكِ تنتظرينني على الشاطئ ، مثل "بينيلوبي" التي نسجت صبرها بالخيوط ، تخدع الوقت لتبقى وفية لحبها. رغد ، حبكِ هو المرساة التي تجعلني أقوى من أساطير البحر وأعند من غضب الطبيعة .

كل جزيرة أراها من بعيد تذكرني بأنكِ الوطن الحقيقي. وكما واجه "أوديسيوس" الجنيات الفاتنات بأغانيهن التي أغرقت الرجال ، فإن ذكراكِ هي ما تجعلني أصم عن أي إغراء يبعدني عنكِ. في أعماقي ، أعرف أن كل معركة أخوضها في هذا البحر هي إنتصار جديد يقربني منكِ.

ابقِ لي، رغد ، أنا الذي لا يخشى الغرق طالما أن حبكِ يضيء لي الطريق. سأعود ، وكما انتهت رحلة "أوديسيوس" بالوصول، ستنتهي رحلتي بين ذراعيكِ ، حيث ينتهي كل شوق وكل إنتظار.

بحاركِ العاشق، سليمان.

٨/١٢/١٩١١