كنت أشاهد هذا الفيديو، لأستاذ بجامعة هارفرد، يشرح مفهوم الخوارزمية، بخمس درجات من الصعوبة بداية من طفلة حتى شخص متخصص بالمجال، وما لاحظته أن هناك تفاوت بدرجات الصعوبة فبدأ بمثال بسيط للطفلة والذي ازداد تعقيدا وصولا للمختص، فالمثال الذي شرح من خلاله المفهوم اختلف باختلاف الفئة العمرية ومدى تخصص الشخص نفسه بالمجال، وما لاحظته أن درجات استيعابنا للموضوع يزداد تدريجيا مع التبسيط، ثم نبني عليه لنصل للتخصصية، لذا لو طبقنا ذلك على مفهوم منتشر مثل الجمال، ولنفترض أنك في جلسة نقاش حوله مع طلاب من المرحلة الابتدائية والثانوية وخريج كيف ستشرح لهم هذا المفهوم بمثال يتناسب مع مرحلتهم العمرية؟
كنت بجلسة نقاش مع مراحل عمرية مختلفة، وطُلب منك شرح ما هو الجمال بثلاث درجات من الصعوبة، كيف ستشرح؟
الجمال مفهوم نسبي يختلف من شخص لآخر، فبينما قد يراه البعض في أشياء معينة، قد يراه الآخرون في أشياء مختلفة تماماً ومع ذلك، إذا تحررنا من المعايير المحددة حديثاً للجمال وركزنا على فكرة أن كل شيء في العالم يحتوي على جمال خاص به، يمكننا أن نتفق على أن الجمال هو جزء من كل ما يحيط بنا، وكي نشرح مفهوم الجمال لمختلف الفئات العمرية قد يبدو في البداية أنه بسيطاً، لكنه في الواقع معقد ويحتاج إلى طرق مختلفة لكل فئة نظراً لأختلاف منظورهم، فمثلاً:
المرحلة الإبتدائية: لتوضيح مفهوم الجمال للأطفال الصغار، يمكن استخدام أمثلة قريبة منهم، كالأتي:
- ما هي وجبتك المفضلة؟
= المعكرونة
- ماذا تشعر حين تتناولها؟
= أكون سعيداً
- إذن، المعكرونة جميلة لأنها تجعلك سعيداً، فالجمال هو الشيء الذي يجلب لنا السعادة، سواء كان وجبة شهية، فستاناً جميلاً، أو حتى لعبة مفضلة لدينا
وهنا ساكون أوصلت له مفهوم الجمال بطريقة بسيطة يفهمها ويتفاعل معها
أما المرحلة الثانوية: هذه الفئة العمرية قد تكون عنيدة ولا يعجبها أي شئ في الغالب، لأنه سن المراهقين الذين يميلون غالباً إلى التمرد والرفض، ويمكن حينها ربط مفهوم الجمال بتجاربهم الشخصية أو أغنية أو فيلم مفضل، كالأتي:
- هل تحب أن تجلس مع أصدقائك؟
= نعم، أحبهم وأشعر بالسعادة معهم
- لماذا تشعر بالسعادة برأيك؟ ربما بسبب التفاصيل التي تربطكم وتتشاركونها
= نعم
- إذن، الجمال يكمن في التفاصيل، فكلما كانت التفاصيل جذابة وتشعرنا بالاتصال معها، كلما كانت جميلة في أعيننا، مثل الأغاني الأجنبية التي نستمتع بها حتى لو لم نفهم كلماتها، لأن تفاصيل الموسيقى ونبرة صوت المغني تنقل لنا المشاعر التي نتفاعل معها ونحبها، على الرغم من اختلاف اللغة لذلك نراها جميلة
أما الخريج: فهو أصبح شخص ناضج، يمكن مناقشة مفهوم الجمال معه من منظور فلسفي وواقعي، موضحاً كيف أن الجمال نسبي ويمكن أن يختلف باختلاف الأفراد، فمثلاً:
قد ترى لوحة معينة جميلة، بينما أراها سيئة، لماذا؟ لأن الجمال شعور داخلي ينبع من تفاعلنا مع الأشياء، فقد ترى الجمال في تلك اللوحة لأنها لمست شيئاً في شخصيتك وروحك، بينما لم تلمسني أنا بنفس الطريقة، ويمكننا تطبيق هذا على كل شئ، فتأثير مفهوم الجمال يختلف من شخص لآخر على حسب هويته، نشأته، ومعتقداته وتفكيره، فمثلاً الفيلسوف كانط كان يرى أن الجمال ليس خاصية في الأشياء بحد ذاتها بل هو ناتج عن تفاعل بين الفرد والشيء الجميل، أما نيتشه كان يرى الجمال يتنوع حسب الأذواق الفردية والثقافات، وانتقد المعايير التقليدية للجمال التي تم فرضها من قبل المجتمع، لذلك، على الرغم من اختلافنا في مفهوم الجمال، يبقى الجمال هو ما يجعلنا نشعر بالانتماء أو يلامس شيئاً بداخلنا
إذا أخذنا في الاعتبار هذه الفروق في تفسير الجمال بين مختلف الفئات العمرية، كيف تعتقد أنك تفهم مفهوم الجمال بشكل شخصي؟ وهل تعتقد أن رؤيتك للجمال تغيرت مع مرور الوقت؟
دوما ما اجد مفهوم الجمال مفهوم نسبي بشكل كبير، صحيح هناك أشياء نتفق بمنظورنا لها مثل المناظر الطبيعية وأشياء قد نختلف بها مثل الاشياء المادية والتي قد يكون لها بعد روحي أخر، مثل تقييمنا للشكل الخارجي لشخص ما.
لكن ما لاحظته بشرحك أنك ربطتي الجمال بشعور السعادة، فأحيانا قد يكون هناك شيء جميلا ونبكي من شدة تأثرنا به، مثلما نستمع لموسيقى حزينة وتأثر فينا، كذلك قد نرى فيلما حزينا ومن شدة جماله نبكي معه
التعليقات