عزيزي صاحب السريرة:
يقول شمس التبريزي "البشر يميلون للإستخفاف بما لا يمكنهم فهمه.":
لذا، ليس من الغريب أن يستخفّ أحدهم بما أشعر به، أو عانيته، أو امتحنت به. كمشاعر تتقاطع في أعماقنا، ونعيش معها في صراع مستمر. قد يرون السطح فقط، ويستهينون بما نخبئه في قلوبنا من جراح وخيبات، أو حتى أفراح وانتصارات.
عندما تغمرنا الأحزان وتثقلنا الهموم، وتمطر عيوننا دموعًا حارقة، نجد أنفسنا في حاجة لمن يفهمنا حقًا. ولهذا، عندما سُئل جلال الدين الرومي: "نراك تقرأ وتكتب كثيرًا، فماذا عرفت؟" فرد قائلاً: "عرفت حدودي."
في تلك الحدود، تكمن قوتنا وضعفنا، أملنا ويأسنا، حبنا وكرهنا. هي الحدود التي نعيش فيها يوميًا، نكافح لنعبرها ونتخطاها، لكننا نعلم في أعماقنا أنها ما يجعلنا بشرًا.
وإن أخبرنا الجميع بأن تسوية الأمور، ومحاولة نسيانها ستكون فارقة، ستجعلنا أفضل، سيبقى الأمر كما هو، لا يُنسى مهما تناسينا، أو ادّعينا.
وأنا هنا أخبرك: وإن تناسيتِ، كيف ستنسى النفس؟ بماذا سيغطي ظهري العاري؟ كيف أسكن آلام طفلتي الداخلية؟
من الضرورة أن أقنعها، فهي شرسة، عنيدة، بقوة زائفة تقف تبغي الحجة في صمود زائل. قد أشعر بأنني أسيرة في دوامة لا نهاية لها، حيث أتوه بين رغباتي، وآمالي، وأحلامي، وبين الواقع الذي يفرض علينا تحدياته.
السبيل الوحيد لتحقيق السلام الداخلي محرومة منه منذ زمن، إن أبحّ به أودّ الحصول عليه، فإني عاق. وإن حاولتُ الشحاذة، فبنظر المجتمع إني طاغية..
نخجل من البوح بما يدور في أعماقنا، ويبتلعني صمتي المرير، وتأكلني الكلمات من أعماقي تبغي الخروج وأبقى في كلتا الحالتين عاقًا.
منة محجوب 🖤✍🏻
2 مارس 1901
#منة_محجوب #سلسلة_رسائل_أدبية #رسالة #رسائلكم #خربشات #نصوص #أدبيات #كلمات
التعليقات