لا يلفتني المتاح ولا يغريني المباح

تشدني المسافات التي لا يجرؤ عليها الجميع

لأنني تعلمت باكرا أن الطرق المزدحمة لا تقود إلى نفسي

أميل لما لا يصفق له الزحام

وأصغي لما لا يرفع صوته ليقنع

فما كان صادقا لم يحتج ضجيجا

وما كان عميقا لم يطلب شهودا

أختار الندرة لأنها تشبهني

وأترك السهل لأنه لا يعرفني

فالسهولة لا تصنع روحا

والتكرار لا ينجب معنى

لست ابنة التكرار

أنا ابنة المعنى حين يصفو

وابنة القيمة حين تمشي مستورة

لا تساوم ولا تبرر ولا تلمع نفسها

أعرف متى أقترب

وأعرف أكثر متى أبتعد

فليست كل مسافة خسارة

وليست كل صحبة نجاة

أمشي بعين تعرف ما تريد

وقلب لا يساوم على ذائقته

وروح لا تقبل أن تكون نسخة

ولا تحتمل أن تعيش مستعارة

لا أبحث عن القبول

ولا أستجدي الانتماء

يكفيني أن أكون منسجمة مع صوتي

حتى لو خالفني العالم

ما كان شائعا لم يكن لي يوما

وما كان بعيدا كان دائما أقرب إليّ

لأنني لا أختار ما يلمع أولا

بل ما يبقى أخيرا

أنا لا أركض خلف الفرص

أنا أهيئ نفسي لما يستحقني

ولا أطرق الأبواب المفتوحة

بل أنتظر تلك التي تفتح لأنني وصلت

السؤال

هل نملك الشجاعة الكافية لنختار ما يشبهنا حقا حتى لو كان بعيدا عن الزحام ولا يصفق له أحد