في مساءٍ رماديّ كان "آدم" يسير بخطوات مترددة على رصيف شبه خالٍ.
كل شيء حوله بدا مألوفًا، لكنه في داخله شعر بالغربة. كان عائدًا من مقابلة عمل هي الثالثة هذا الشهر، وكالمرات السابقة، انتهت باعتذار لبقٍ.
جلس عند زاوية المقهى القديم الذي اعتاد أن يزوره في أيام الجامعة، يتأمل الوجوه العابرة. فجأة، لمح رجلاً مسنًّا يجلس على الطاولة المقابلة، ينظر إليه بثباتٍ كأنه يعرفه منذ زمن. لم يمض وقت طويل حتى قال الرجل بصوت هادئ:
– "أتعرف ما مشكلتك يا بني؟"
تفاجأ آدم، لكنه أجاب متردداً:
– "وما هي برأيك؟"
ابتسم الشيخ وقال:
– "أنت تبحث عن باب مفتوح، بينما عليك أن تبني بابك بنفسك."
صمت آدم طويلاً. الكلمات البسيطة اخترقت داخله كأنها مرآة تعكس ضعفه وخوفه. تذكّر أنه لطالما كان ينتظر الفرص تأتي إليه، ولم يخطر بباله يومًا أن يخلق هو فرصته.
نهض الشيخ ببطء، وضع يده على كتف آدم، وقال قبل أن يبتعد:
– "في النهاية، الطريق لا يختارك… أنت من يختاره."
ظل آدم يراقب خطواته حتى اختفى في الزحام، ثم التفت إلى الشارع الطويل أمامه. كان هناك بالفعل مفترق طرق، واحد إلى اليمين وآخر إلى اليسار. ابتسم بارتباك وهمس في نفسه:
"أي طريق عليَّ أن أسلك…؟"
التعليقات