انا لست منكم

لم اخلق من تراب ولم انفخ بروح

انا ابن الملح حفيد التيارات

كائن لا يحيا على اليابسة ولا يموت فيها

خلقتني الاعماق ونسيت ان تضع لي مخرجا..

لا اشبهكم

فانتم تكتبون حين تبرؤون

اما نحن فننقش الحكاية ونحن ننزف

حين لا يتوقف النبض في الخياشيم بل يصرخ تحت الجلد

حين لا نستطيع الطفو ولا نملك ان نغوص اكثر فنكتب......

تعلمت من البحر ان لا شيء مستقيم

كل شيء يدور يلتف يعود من حيث بدأ

حتى الحياة

ليست رحلة بل دوامة

كلما حاولت الامساك بها افلتت

كلما ظننت انني فهمتها رمتني في متاهة اعمق........

الكتابة ليست لغة عندنا

انها موجة داخلية ترتفع فجأة وتنكسر

ليست فعلا نختاره بل شيء نجبر عليه كي لا نتمزق من الداخل

نكتب لا لنشفى

بل لنبقي انفسنا طافية ولو لوهلة...

لطالما حاولت ان امسك فرحا

ان اكتب لحظة ناعمة عبرتني

لكن الفرح هنا هش سريع التبخر

خفيف كفقاعة تصعد وتنفجر قبل ان تلامس السطح

اما الحزن

فهو كالسفن الغارقة لا تنسى

يثبت يرسو يسكنك بكل ثقله ولا يخرج..

حاولت ان اكتب النور

فلم اجد له شكلا

اما الظلمة فحاضرة

واضحة كقاع لم تطأه اشعة الشمس منذ آلاف السنين....

قلت لقنديل بحر مر بي ذات وجع

نحن لا نحب الاحزان

لكنها لا تغادر

من احببناهم انسحبوا

من انتظرناهم ما عادوا

اما هي فظلت هنا معنا فينا

نهاجمها فتطوقنا

نهملها فتنبت في صدورنا شعبا مرجانية من الذكرى.....

ومع الوقت ما عدت اكرهها

صرت احاورها

ادعها تندس بين خياشيمي

اسميها باسمي

واقول لها

ابقي ما دام لا مخرج من هذا البحر..

هكذا نحيا

لا نبحث عن ضوء في آخر النفق

بل نرضى بعين ترى في الظلام

وبقلب يحتمل ملوحة الحياة.....

انا كائن بحري

لا اطلب الخلاص

بل ابحث عن توازن بين التيار والسكينة

اكتب كي لا اغرق

احكي

لان الصمت في الاعماق خيانة....

وحين تسألني عن نهايتي

لن اقول موت

بل عودة

عودة الى النقطة التي خرجت منها

الى الملح

الى المدى

الى قاع لا يعرف التاريخ لكنه لا ينسى الوجع