عم الهدوء المكان فجأة فصاح مناديا زوجه أن تعيد تشغيل الإسطوانة من جديد، أبلغته أنه لم يشغل أى أسطوانة، فاعتذر منها وطلب منها أن تشعل المروحة، فصوتها كان يؤنسه فى غرفة مكتبه، بينما كان سارحا فى تفكيره محاولا التدوين وإذ بالصوت ينقطع ويعم المكان هدوء يكرهه، ما زال لا يعرف سر انزعاجه من هذا الهدوء، عرضت عليه زوجه أن تحضر له كوب حليب فرفض، فغيرت طلبها إلى شاي فصاح فى وجهها، تضايقت، فعاد معتذرا منها، طالبا أن تتركه وإن أرادت النوم فلتذهب وتدعه.

      أخذ يتقلب على فراشه يسرة ويمنة وضوء السهراية مشعل بجواره، شعرت به زوجه فقالت له:

-ما بك!

-لا شئ؛نام أنت.

-وكيف لى بالنوم والنور مُولع!

 أطفائه وعاد يتقلب فى نومه.

 استيقظت وأضائت النور وجلست على السرير ونظرت له:

-ما بك ؟!

 فاعتدل من نومه وجلس بجوارها وبنظرة مرتابة :

-هو ممكن فتاة عشرينية تحب رجل خمسينى!

- ممكن؛ رجل وامرأة؛ ما المانع إذن؟!

-و فارق السن !

- هذا الفارق حد وهمى نضعه عندما نقابل من لا يروقنا، لكن التعاملات و احتياجات كل شخص قد تجذب الثانى للأخر.

-بمعنى!

-بمعنى أن هذه الفتاة قد ينقصها عطف والديها وشعورها بالأمان فوجدته  أثناء تعامله مع الرجل الخمسينى.

- والزواج هيكون ناجح!

-يا عبد الحميد مال الزواج ومال الحب!؛ الزواج يحتاج إلى نضج عقلى بعد كدا بيتبعه الحب والمودة والرحمة ، أنيكونا الشريكين على نضج كافى بإحتياجاتهم وتقبل إختلافتهم؛ رواية جديدة يا عبد الحميد هتألفها.

فشخص بصره بعيدا عنها غير مجيب.

-اه فهمت معجبة زى كل مرة؛ تعرف ياعبد الحميد، لولا أنى عقلانية ومتفهمة طبيعة عملك، لانفصالنا من زمان.

- وما ذنبى أحلام؛ أنا كاتب!

-أعلم عبد الحميد، و أشفق على معجباتك.

فنظر لها نظرة من طرف عينيه قائلا:

-تشفقين عليهن أم تغارين منهن؟!

-أشفق بالطبع،أحمد الله  أن تزوجتك قبل أن تشتهر ككاتب وإلا كان زمانى....(ثم صمتت)

- قوليها أحلام؛ لدرجة دى أنا سئ.

- لا عبد الحميد؛ أنت إنسان فيك الخير والشر، تسئ وتحسن؛ تنكر وتشكر، إنسان عبد الحميد، لكن كتاباتك تصور أنك ملاك وإذا بواقع يتصادم مع هذا التصور، فإما أن أعقل وإما أن أتبع هواى وألعنك فى كل صلاة وأدعيك بالخداع والخداع كان منى يوم أن ظننت فيك غير حقيقتك، يوم أن البستك ثوابا ليس من جنس بشريتك.