هذه القصة خيالية. ولا تمت للحقيقة بصلة.

دوت صافرات الإنذار داخل أروقة المقر الإداري لشركة (حواسيب) منذرة بوقوع كارثة. كانت هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها بعض العاملين هذه الصافرات بعيدا عن برامج التدريب التي يتعلمون فيها كيفية التعامل مع المواقف الطارئة.

في الطابق الأخير من المبني الذي يحتوي الشركة، يقع مكتب قليلا ما يدخله أحد. حتى أن تم تصميمه بطريقة خاصة، وطراز بناء يختلف عن باقي المبنى. كُتب على الباب بخط عريض حرف انجليزي واحد...X

في الداخل يجلس السيد X وهو المسئول عن حواسيب وكل المشاريع المنبثقة عنها. تم توزيع الإضاءة في المكتب بحيث لا نرى وجهه أبدا، كما تم التشويش على صوته للحفاظ على سرية شخصيته. أمامه يجلس السيد (عمران) مسئول الأمن.

- ما الذي يحدث يا عمران؟

- يبدو أن أحدهم اخترق سيرفراتنا يا سيدي. وحصل على معلومات عن مشروعنا الأخير بخصوص إتاحة خدمات حواسيب فوق سطح المريخ.

بدا الانزعاج على وجه X على الرغم من الظلال التي تحيط به. قبل أن يسأل باهتمام:

- هل عرفتم من الذي وصل لهذه المعلومات؟

- نعمل على ذلك سيدي، لكن حتى الأن فالشكوك منحصرة في أعضاء مشروعنا حواسيب IOS

صمت السيد X طويلا، وبدا عليه ملامح التفكير الشديد، قبل أن يقول:

- يبدو أنكم ستحتاجون مساعدة أكثر تخصصا. ليس في الجانب التقني، لكن في الجانب الأمني.. هذا هو وقت الاستعانة بالسيد (وجدي)

* * *

بعد ساعة.

وصلت سيارة (مرسيدس) سوداء مقر (حواسيب). ترجل منها رجل في بدايات العقد الرابع. اقترب من البوابة الرئيسية حتى أوقفه أحد رجال الأمن طالبا منه التعريف عن نفسه.

بقى الرجل صامتا للحظات حتى ارتفع صوت جهاز اللاسلكي الخاص برجل الأمن بصوت السيد X الذي تم التلاعب به الكترونيا وهو يقول:

- دعوا السيد (وجدي) يمر على الفور. ويدخل لمكتبي دون انتظار.

سمح له رجل الأمن بالصعود، قبل أن يتبادل نظرة مندهشة مع زميله وهو يقول له:

- طوال سنوات عملي هنا، لا يسمح لزائر بالدخول للسيد X بهذه الطريقة.

قال له زميله:

- هذا ليس زائر عادي يارجل. هذا السيد (وجدي). واحد من أشهر رجال الأمن في المنطقة العربية. لا يعلم عنه أحد الكثير عن خلفيته الأمنية. هناك من يقول أنه عمل لصالح أجهزة مخابرات عربية، وهناك من أكد أنه عسكري سابق، المهم أنه قادر على الوصول للحقائق والتحقيق في الجرائم بطرق مدهشة.

* * *

في مكتب السيد X جلس السيد (وجدي) وقد بدا عليه الانتباه الشديد. استمع للقصة بكامل تفاصيلها قبل أن يسأل:

- هل لديكم مشتبه فيه بعينه؟

رد (عمران) مسئول الأمن

- حتى الأن يمكن أن أؤكد أن الشبهات لا تخرج بعيدا عن ٣ أعضاء في حواسيب IOS

- إذن أريد أن أستجوب كل منهم على انفراد، قبل أن أحدد من الجاني.

* * *

في مكتب السيد عمران، الذي أصبح الأن يستضيف المحقق المغوار (وجدي)، جلس هذا الأخير مع المشتبه فيه الأول، بمعنى اصح.. المشتبه بها الأولى..

- إسمك؟ ومتى انضممت لحواسيب IOS

- إسمي مؤنسة الضاهر. عضوة منذ ٣ أشهر.

- أين كنت ليلة أمس الساعة العاشرة مساء؟

- هذا يعتمد وجدي. على المنطقة الزمنية التي تتحدث عنها. كما أنني صرت أنسى الكثير من الأحداث مؤخرا. سأحكي لك موقفاً غريباً. هل تعلم أنني بالأمس كنت أ...

قاطعها المحقق وجدي بهدوء وحزم في نفس الوقت:

- أرجوك استاذه.. هذا ليس موضوعا على IOSحتى تسترسلي في الحديث. هذا تحقيق جاد.. أين كنت ليلة أمس بشكل عام؟

- حسنا. كنت في أحد الفنادق في وسط المدينة. قررت أن أقضى بعض الوقت لإنجاز بعض الأعمال قبل أن أكتب موضوعي الجديد على حواسيب IOS. ويمكنك السؤال في فندق زهرة المدينة عن النزيلة الوحيدة في الغرفة رقم 6.

صمت المحقق وجدي قليلا وبدا عليه الانتباه، ثم سأل مؤنسة من جديد:

- ما هي معلوماتك إذن عن مشروع خدمات حواسيب على المريخ؟

ردت مؤنسة بسرعة:

- صدقا سيد وجدي.. لا أعرف أي شيء. ولا أعرف من يمكن أن يكون الجاني. اهتماماتي منصبة نحو ريادة الأعمال، وكيف يمكن لكل عامل في المؤسسة أن يجعل منها كيان أفضل، والمقارنة بين طبيعة الاقتصاد الغربي والعربي، وأسباب نجاحهم وفشلنا.

- هل أنت متأكدة من دقة وصدق المعلومات التي قلتيها هنا؟

- نعم.. ربما أنسى بعض التفاصيل مؤخرا، لكنني أذكر على وجه الدقة ليلة أمس في الغرفة 6 حيث أنه رقم حظي، وأطلب الإقامة في هذه الغرفة تحديدا كلما نزلت في الفندق، حتى أكتب مشاركاتي في حالة من الهدوء، بعيدا عن الـ...

قاطعها وجدي لأخر مرة:

- أشكرك أخت مؤنسة. سنعود لك إذا احتجنا تفاصيل إضافية.

خرجت مؤنسة ودخل المشتبه به الثاني.

- إسمك وتاريخ انضمامك لحواسيب IOS

- أحمد نصحي. ١٠ أشهر.

- ما هي الموضوعات التي تشارك بها على حواسيب غالبا سيد أحمد؟

- لا أكتب تقريبا سوى عن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة. أنا متخصص بالمجال.

- وهذا ما يجعلك واحد من أهم المشتبه بهم هنا. خبرتك في هذا العالم قد ترجح أن تكون حاولت التسلل للسيرفرات ومعرفة المزيد من المعلومات عن مشروع حواسيب على المريخ.

- لم يحدث هذا الأمر من قريب أو بعيد. وليس كل مهتم بالتكنولوجيا مخترق Hacker بالضرورة، لكن للأسف هذه النظرة النمطية التي تعلمتوها جميعا من الروايات والأفلام.

- أين كنت إذن ليلة أمس؟

- كنت أقوم بعمل Root لهاتف اندرويد خاص بأحد أصدقائي.

- ما هذا الـ Root وما فائدته؟

- إنه أشبه بكسر نظام الحماية حول الهاتف لتحقيق حرية التعديل في نظام التشغيل أو الـ... هل هذا له علاقة بالتحقيق سيد وجدي؟

نظر السيد وجدي لهاتفه قليلا ثم قال:

- لا.. فقط انتابني الفضول. من تظنه قد يحاول التسلسل للنظام غيرك سيد أحمد؟

- لا أعرف، فقط أوقفوا النظرة النمطية للمهتمين بالتكنولوجيا أرجوكم.

خرج أحمد غاضبا، عندما دخلت المشتبه فيها الثالثة..

- إسمك وتاريخ انضمامك؟

- ما هذه الأسئلة.. ما العلاقة بين هذه الأسئلة وما تريدون عن محاولة الاختراق؟!

- هذه أسئلة روتينية لبدء أي تحقيق.. أرجو أن تلتزمي بالاجابة

- أنا ملتزمة بالفعل.. لكن هذا لا يمنع أن أطرح أنا السؤال.. هذا أولا.. وثانيا اسمي إيلاف. عضوة منذ سنة.. بالأساس أعتقد أن هذه المعلومات لديكم. كل ما تريدونه هو إضاعة وقتي. أنا طالبة جامعية حاصلة على الـ...

قاطعها وجدي:

- إذن أجيبي على أسئلتي بشكل مختصر.. أين كنت ليلة أمس؟

- لا تحدد لي كيف أجيب على الأسئلة اذا كنت تريد الحصول على أجوبة منطقية.. أين كنت ليلة أمس؟ كنت في احتفال عائلي بمناسبة الحصول على الـ...

قاطعها وجدي من جديد:

- هل يوجد شهود على الواقعة؟

- أي واقعة؟! تقصد الاحتفال العائلي؟ هل تتوقع مني أن أحضر أفراد أسرتي ليشهدوا أنني كنت أتناول الكعك معهم! بالطبع لا.. لكن على أي حال لقد شاركت صورة مع أصدقائي على حواسيب...

خرجت ايلاف غاضبة من مكتب وجدي.. حتى أنها لم تنتظر أن يصرفها من المكتب. بعد فترة دخل السيد X وسأل وجدي:

- هل نستدعي المزيد من الأعضاء؟

لا أظنك تحتاج هذا يا سيد X.. هناك خطأ في أقوال أحد الأعضاء جعلني أكتشف أنه صاحب محاولة الاختراق.. وقد عرفته...

شاركنا رأيك عزيزي.. هل عرفت أنت أيضا من الجاني؟ سأضع الإجابة الصحيحة في التعليقات بعد ٢٤ ساعة من الأن