مشتت إلى ألف قطعة وقطعة، لا لوم عليه فزمانه هكذا، وبيئته هكذا، ووُلدا ووجدا الجميع هكذا، ساكنا؛ عاقل أقصى ما يصل إليه العقل، كل شئ يرده إلى العقل ولا سبيل للعواطف إنها سُبل السُذج من البشر، حسنا المال هو المكسب الوحيد والعواطف لا تُكْسب مال؛ فلما أُنفق ما لم أكن جانيا من خلفه، هكذا يفكر وهكذا يحيا،  فى نظرته ألف كلمة وكلمة، و فى صمته ألف تفسير وتفسير؛ مسكين .

 -إنه وقت الشروق.

-أى شروق؟! إنها الثامنة والنصف مساء؛ مجنونة أنت.

-إنه شروق القمر، هيا ننظره.

-ابتسم، وعقله يجيبها يا لها من مجنونة، لكنه وجد نفسه مصيرا خلفها، ينظر هذا الشروق.

-انظر كيف للقمر  أن يسطع وسط الظلام والنجوم بجواره واثقة من نفسها ، هكذا أنا وأنت.

فابتسم وصمت

- عقب ليلة التمام ثمة حزن يعم ذاك القمر؛ حزن بأنها أيام ويضمحل، لكن عقب الإضمحلال، ثمة ولادة أخرى؛ أمل فى أول يوم، يتدرج إلى أن يصل إلى التمام والإكتمال، هكذا كل شئ فى بدايته، إلى أن يكتمل ثم يبدأ بالإنتهاء.

ترانا سنصير مثله،  هل نحن الأن فى طريقنا إلى الإكتمال؟!، ما بالك صامت هكذا تكلم؛ أعلن عن داخلك.

صمت

 -القمر يكون بدرا لأيام ومن ثم يبدء بالنقص وهكذا نحن.

-ما الذى تريدين معرفته.

-تبا لهذا الجماد (ثم اشارت إلى شئ بعيد وصارت تضحك)، ألا تستطع أن تسترسل فى الحديث؛ حسنا ماذا يعنى لك القمر؟

أخذ يطيل النظر فى وجهها

-أحبه، لكنه ثرثار.

ابتسمت وماذا أيضا؟!

-يكملنى فى شئ أخر، لا أدرى ما هو؛ لكنى معه أشعر بالكمال، أشعر ويكأننى حظت الدنيا بحذافيرها.

أخذت تطيل النظر فى القمر

-ما بك؟ لماذا تصمتين ؟!

-لا شئ،(وأشارت بيدها) انظر لكبر حجمه هناك عندك نقطة التلاشى، لقد حيرنى أمره، فنقطة التلاشى رغم بعدها إلا أنه ذا حجم كبير، وكبد السماء يخيل إلى أنها قريبة إلا أنه صغير، ترى ما السر إذن؟ .

#قصة_قصيرة

#منى_مهير