للعلوم المزيفة رواج وأنتشار أكثر من العلوم الخاضعة للمعاير العلمية الصارمة، وقد يجد القاريء صعوبة في التأكد من مصادر المعلومات للأسباب كثيرة منها عدم الاختصاص وعدم المعرفة الكافية التي تجعله يستطيع التفريق والتميز مابين الكتب العلمية والكتب التجارية، قد يغيب عن بعض القراء فهم طبيعة دور النشر التي تشبه مانشاهده في الفضائيات من قنوات ربحية تعتمد على جذب المشاهد بالخداع والاستثمار في شغفه، كما نرى في بعض الافلام الوثائقية عندما تقدم موضوعاً علمياً - خصوصا في الأمور الميتافيزقية - وتشحنه بالاثارة والتشويق وتزيد من جرعة الغرائبية والغموض فيه، كما نرى في أصدارات صائدي الاشباح وشهادات بعض أصحاب التجارب والتي يكون بعضها معد مسبقاً ضمن سيناريو مكتوب وممثل يتقاضى أجر مقابل القيام بدور الشاهد، مما يضيف الى مخيٌلة المتابع الكثير من المعلومات المغلوطة والتصورات الخاطئة وتزيد من تشوهات الوعي والادراك لديه
الدوافع خلف هذا النوع من التضليل هو اللهث وراء الاموال وشدة المنافسة بين الفضائيات فلا يمكنهم البقاء بدون جمهور متابع ولهذا نجد الكثير من القنوات تنتج برامج مثل الكاميرا الخفية والمقالب ضد المشاهير بأتفاق مسبق يكون الهدف منه خلق حلقة مثيرة بدلاً من تصويرها بشكل طبيعي يفقدها الأثارة والمتابعة، كذالك الأمر نفسه يحصل في دور النشر، خصوصا الكتب التي تتعلق بالغرائب والعجائب تغص بالاكاذيب والمعلومات المغلوطة وتستثمر في كل شيء يمكن ان يصنع منه مادة تثير غرائبية القاريء وأحساسه بالغموض، كما نرى مع موضوعات تجدها دائما حتى في رفوف محلات السوبر ماركت، كتب على شاكلة الاطباق الطائرة والزئبق الاحمر والماسونية ومثلث برمودا .. الخ أصبحت من كلاسيكيات الكتب الصفراء التي استمرت سنوات طويلة تدر الارباح على كتٌابها ودور النشر التي تصدرها، وللاسف تجد بعض المثقفين العرب ينهل من هذه الكتب الصفراء دون القدرة على التمييز بينها وبين الكتب الموثوقة بل أن هناك احد المثقفين العرب اصدر كتابا خاصاً بالغرائب والعجائب بعض المعلومات الواردة فيه مصدرها الاساسي من مسابقات لقصص الخيال لأطفال المرحلة الابتدائية،
أغلب هذا الكتب تستثمر في الخيال الشعبي للمجتمع الأمريكي فأغلب متحوياتها تناسب ثقافة الشارع الامريكي والتي يهمن علي عقليته نظريات المؤامرة ولهذا قطاع كبير من الامريكان يؤمنون بالاطباق الطائرة وسكان باطن الارض ويتهمون الحكومة بأخفاء أسرارهم، والحقيقة أن المستثمرين في خيالهم وعقولهم من دور النشر والقنوات الفضائية والكتٌاب التجارين ساهموا في ترسيخ هذه الخرافات في عقولهم بحثاً عن حصاد جيوبهم، ولان الثقافة الامريكية الاكثر انتشاراً في العالم تجد بعض القراء وبعض المثقفين يصدقون هذه الامور ويندمجون معها ولا يستطيع التفريق بين الحقيقة العلمية وأفرازات الخيال الشعبي ، تشرب الثقافة الامريكية وخيال الشارع الامريكي الى الدرجة التي اصبح يصدق فيها بالصحون الطائرة وسكان باطن الارض وفصيلة السحالي البشرية وخطر الماسونية والعوالم الخفية التي تحكم العالم وعندما تريد منه الشواهد والقرائن والاثباتات يحيلك فورا الى مؤامرة اخفاء الحكومة الامريكية لها، اندمج في خيالهم الشعبي حتى اصبح امريكياً اكثر من الامريكان وزبوناً اضافياً للمستثمرين في خيالهم
التعليقات