بقلم: محمد دومو

لما تحولت المدينة؟

المدينة اسم له صفات، في نظري لا تسمى منطقة ما بمدينة إلا إذا استكملت جميع الصفات فيها، ومن ضمنها سلوك و معاملات سكانها او قاطنيها بالدرجة الاولى، وخلافا على ذلك مدينتنا عادت تفتقد الى اقل الاشياء من كل هذا و ذاك لتبقى بصفتها مدينة.

ينبغي على المدينة أن تكون منظمة الى درجة قصوى من التنظيم المحكم، يسري فيها قانون يحميها، لها عدة مرافق مهيكلة بالكيفية اللازمة، من مستشفيات، مدارس، صناعات، جامعات، متاجر وإدارات …

اما اذا اختلت من كل هذا وذاك فلا ينبغي أن تسمى مدينة،

فالمدينة لا يسكن فيها إلا إنسان متمدن. انسان يعرف ما له وما عليه في محيط مدينته. انسان قادر على فعل أي شيء سيعود بالمنفعة سواء على حيه أو على مدينته، وبهذه الكيفية قد يصبح هذا الانسان يستحق كلمة متمدن، لكن ان كان العكس هو الحاصل فلا هو بأفعاله و بسلوكياته متمدنا ولا بعشوائية الجميع تبقى المدينة مدينة.

لقد تحول محيطنا إلى الاسوأ في هذه الأعوام الاخيرة، كانت مدينة مراكش من رايي المتواضع احسن بكثير من وضعيتها اليوم، كانت هذه المدينة ببساطتها، تتألف من مجموعة أحياء قديمة لهم طقوسهم وثقافة المدينة كانت واحدة.

كان أحياء المدينة تجمع سكني واحد، شبه مستقل عن باقي التجمعات الاخرى من الناحية المعاملاتية والاقتصادية،

كان كل حي يحتوي على ما يستلزمه من المواد اليومية منها والأسبوعية على طول الايام. فيه مسجد كبير، متاجر كثيرة من خضار، جزار، فران...الخ

ليبقى الحي محافظا على خصوصيته، ولكن عندما نزح الدخيل على هذه المدينة، اختلطت الامور وأصبحت ثقافات اخرى تتصارع فيما بعضها حتى استطاع النازح ان يسيطر، شيء فشيء على جميع الأشياء، واستطاعت ثقافة وطقوس الدخلاء ان تفرض على ثقافتنا فضاعت هوية المراكشي وأصبح يتصارع هذا الاخير من اجل البقاء لا اقل ولا اكثر، انتزعت منه ثقافة وطقوس آبائه وأجداده وتاه تيها لا أستطيع أن أصفه بعمق تام وانما احاول التطرق إلى بعض مضامينه، وبالتالي ذهبت مدينة مراكش في خبر كان لتعوض بتجمع عشوائي جد كبير لا يستحق كلمة مدينة.

فضاعت ثقافة المدينة لتبدل بثقافات أخرى لا تليق بهذه المدينة فأصبح جل قاطنيها غير مرتاحين لهذا الغزو الهمجي إذا صح التعبير.