-منذ أكثر من قرن، والمقاومة الفلسطينية تُسطِّر فصولًا من البطولة والنضال في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مُجسِّدةً إرادة لا تنكسر، وصمودًا لا يلين. إنها ليست مجرد حركة سياسية أو عسكرية، بل هي نهج حياة متجذر في وجدان الشعب الفلسطيني، يعبر عن توقه الأبدي للحرية والاستقلال.

-الجذور التاريخية للمقاومة

بدأت المقاومة الفلسطينية منذ وعد بلفور عام 1917، حين أُعطي اليهود وعدًا بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف انتفاضات الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار البريطاني والاحتلال الصهيوني، بدءًا من ثورة 1920، مرورًا بثورة البراق عام 1929، وصولًا إلى الثورة الكبرى عام 1936، التي استمرت ثلاث سنوات وشكّلت أول حراك مسلح واسع النطاق ضد الاحتلال.

أنماط المقاومة وتطورها

تنوعت وسائل المقاومة الفلسطينية عبر العقود، وتكيفت مع الظروف السياسية والعسكرية التي واجهها الفلسطينيون:

1. **المقاومة المسلحة:** تجلت بأبهى صورها من خلال الكفاح المسلح الذي بدأ مع تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، مرورًا بانتفاضات الحجر والسكين، ووصولًا إلى تشكيل فصائل مقاومة حديثة مثل حماس والجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى.

2. **الانتفاضات الشعبية:** شكّلت الانتفاضتان الأولى (1987-1993) والثانية (2000-2005) محطات تاريخية بارزة، حيث أثبت الفلسطينيون أن إرادتهم أقوى من الآلة العسكرية الإسرائيلية.

3. **المقاومة السياسية والدبلوماسية:** استطاعت الدبلوماسية الفلسطينية تحقيق انتصارات مهمة، مثل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وانضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة بصفة مراقب.

المقاومة الإلكترونية والإعلامية: في عصر الإنترنت، أصبحت السوشيال ميديا ساحة معركة لا تقل أهمية عن الميدان، حيث ينقل الفلسطينيون معاناتهم ويكشفون جرائم الاحتلال للعالم.

التحديات والآمال

رغم التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني، يواجه مقاومته تحديات ضخمة، أبرزها الانقسام السياسي، التآمر الدولي، والتطبيع العربي مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال مشرقًا، فالمقاومة لم تمت، بل تتجدد بأشكال مختلفة، وتُثبت أن القضية الفلسطينية ستظل حيّة في ضمير الأحرار.

-المقاومة الفلسطينية ليست مجرد فعل، بل هي عقيدة متأصلة في روح الشعب الفلسطيني، تُثبت أن الاحتلال قد يمتلك القوة، لكنه لا يمتلك الحق، وأن الشعوب التي تؤمن بحريتها لا يمكن أن تُهزم. ستظل فلسطين نموذجًا للنضال، ورمزًا للصمود، حتى يتحقق الحلم الكبير بالحرية والاستقلال.