لم يعجبني المقال.. يريد أن يكون حكمًا بين الاثنين وأن يجعلها مخطئان معًا وهو المصيب.

محتوى الدحيح محتوى علوم شعبية قد يخطئ كثيرًا. ومن حق اي أحد أن ينتقده.

أما "د. إيادي قنيبي" فهو أخس الجميع.. وهو لمن لا يعلم فهو من تربية أبو محمد المقدسي (منظّر الجماعات الإرهابية الذي قال عن مصعب الزرقاوي أنه منه بمنزلة الطالب والأستاذ) وهو أي إياد يريد أن يجعل نفسه "داعشي كيوت" .. هذا من ناحية .. وهذه الفئة لا تتور ع في تكفير الناس "بالفاضي والمليان".

لم أكن أهتم بكلامه ولكن شهرته المتصاعده وتأثيره الكبير حاليًا لا يبشّر بخير..

وأنا أقولها "أجارنا الله من المتشدد إذا تعلم علمًا طبيعيًا أو درس مقارنة أديان" لأن هذه الفئة التي تهاجم علماء الدين أقبح المهاجمة لاختلافهم في مسألة لن تبالي بغيرهم من باب أولى.. وهؤلاء يعيشون جو الصراع الديني فأي واحد أتي بما يخالفهم فإنهم يهاجمونه ويقولون أنه يروّح للإلحاد، ومعروف لدى علماء الشريعة هذه القاعدة الأصولية "لازم القول ليس بقول" أي أن ما يلزم من قوله فإن قال الدحيح مثلًا (بالأكوان المتعددة أو التطوّر) وكان من لازم هذا القول أن يؤدي إلى الإلحاد (وهو ليس كذلك) فلا يحق لنا التقوّل بلسان الدحيح بترويج الإلحاد والمروّج كما نعلم أسوأ من مرتكب شيء بدون ترويج. وهناك مقولة أصولية أيضًا "لا تكفير مع قيام الاحتمال".

وقد رأينا أحمد الغندور مقدم البرنامج في عمرة أو حج تقريبًا ونرجو له التوفيق في الدنيا والآخرة وأشكره من هنا على ما يقدمه من حلقات أكثر من رائعة وأعجبني أنه لم يلتفت للإساءة والاتهام بالترويج للإحاد "وأنه ليس كشريف جابر [الملحد الوقح المعروف] يعرض الإلحاج في وجهك ولكنه يهدم أصول الدين حتى تقع بالإلحاد لوحدك" على حد تعبير قنيبي. ما هذا الافتراض السيء وسوء النيّة. لنقل أنه في أسوأ الأحوال (مُضلل) وأنه منبهر بالحضارة الغربية وقد يؤدي هذا بالناس إلى الكفر والإلحاد .. إلخ

لكن لا، بل مهاجمة عنيفة وإطلاق تهم تكفيرية وأشد من تكفيرية (الترويج للإلحاد) في ثوب من الكلام الهادئ..

وللعم فإن أكثر شيء أوقع الناس في الإلحاد هو التيارات التكفيرية التي صعدت في سوريا والعراق وأخذت تقتل الناس وهي تدعي التقرب إلى الله.. وثاني شيء هو منافاة الحقائق العلمية وجعلها مبحثًا عقائديًا .. لا أدري لماذا جُعلت نظرية التطوير مبحثًا في العقيدة.. فإذا ما اتضح أنها صحيحة ويحكم ذلك أهل الاختصاص من علماء الأحياء وليس الصيادلة (الذي ينتمي إليهم الدكتور إياد) أنكر الإنسان العقيدة. أما المؤمن الذي يبني عقيدته على أسس سليمة ولا يخالف بها نظريات العلم التجريبي فلا يفرق معه أن اتضحت صحة النظرية من خطئها فهذا يثبته علماء الأحياء لا (متصدّري المشهد الديني).

وقد قرأت لمصطفى محمود وهو يؤيد النظرية وهو الداعية الإسلامي البارع ومؤلف كتاب "حوار مع صديقي الملحد" في 1986. ومن أول من تصدّوا للإلحاد. هل نقول أنه يروج للإلحاد؟! وقد قرأت للشيخ لعبدالوهاب النجار المتوفى سنة 1940 في كتابه "قصص الأنبياء" في قصة آدم وحديثه عن التطور حينها أنه لا يؤيده ولكنه إذا صار حقيقة "كالسماء فوقنا والأرض تحتنا" فيمكن تأويل الآيات. وكذلك يقول الشيخ نديم الجسر في "قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن". وقرأت لأبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري في كتابه "لن تلحد" أنه لا يمكن معارضة حقيقة علمية بآيات قرآنية (قطعية الثبوت ظنية الدلالة) وكان يتحدث حينها عن نفي صعود الإنسان بل وتكفير بعض الشيوخ لمن يعتقد ذلط للقمر تأوليلًا لآية "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ" وهو أبو عبدالرحمن يقول أن الملحدين يفرحون بمعارضة المؤمنين للحقائق العلمية.

وأنا أقول: أن مسألة التطور نفس مسألة الصعود إلى القمر، يمكن فهم الآيات القرآنية فهمًا يحتمل معه عدم معارضة التطور مما لا يعارض الدلالات القطعية ولا يخالف اللغة العربية.. ويمكن الاعتقاد بالتطور في سائر الكائنات لكن قد يكون الإنسان استثناءً أو يكون فيه شيء يختلف عن الكائنات الأخرى .. إلى آخره من المخارج والاجتهادات..

لا أدري مالذي حدث في الصيادلة يظنون أنهم حووا كل العلوم، كذلك الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي درس سنتين في الصيدلة وتوقف عنها ثم لا ندري إلا وهو يكتشف علاجًا لمرض الإيدز!! ولكنه لم يفصح عن العلاج حتى يحصل على براءة اختراع.. وحصل عليها وهللنا بذلك ولكننا لم نحصل على شيء لأنه يكذب على الناس.. ولن أقول أكثر من ذلك.

وكنّا ننافح عنه في اليمن ونعتبره شيئًا أسطوريًا ولكن "أبدت لنا الأيام ما كنا جاهلين وأتانا بالأخبار من لم نزودٍ".

ولا أدري ماذا بالشعب الأردني العزيز (الزرقاوي، والمقدسي، وقنيبي).. وبعيدًا عن هذا أرى في مواقع التواصل الاجتماعي الأردنيين شديدين غلاظ الطباع رغم أني أحبهم والله أعلم بنيتي ولكنني أحس برائحة كيد يدبر بالأردن ومحاولة لتأجيج الصراع هناك.. وحفظ الله الأردن وسائر البلدان من الفتن وهدانا وإياهم.

أخيرا أقول: على السلفية المعاصرة أن تبحث لها عن حل..

لم أكن أشأ التحدث في هذا الأمر ولكن بما أن الأستاذ يونس فتح المجال أدليت دلوي ولمّا يُشف الغليل بعد.