لماذا يرى البعض أن لديهم الحق في الإساءة أو الاحتقار لمن هم باعتقادهم أنهم أسفل منهم؟

هل فقط لأنه يسبقه في درجات السلم الوظيفي، أو أنه يكسب دخلًا أعلى منه، أو لأنه أكبر منه سنًا ... بعد كل سؤال من هذه الأسئلة حتمًا ستكون هناك إجابة وافية فالمدير يتصرف باستبداد ليضمن عدم تقاعس الموظف، وصاحب الدخل المرتفع يعبر عن قوته، وكبير السن يُلزم الصغير باحترامه. ولكن السؤال الحقيقي هل هذه المبررات مقبولة للتعامل مع أي شخص بأسلوب مستفز؟

حينما يريد البعض أن يرسم صورة جليلة له، أو يرغب في استصغار من هم أقل منه، يبدأ بالهجوم لا الدفاع متجردًا من طابعه الإنساني، يستل سيف الإذلال والتحقير لمن حوله متجاوزًا حدوده اللفظية، يشكك ويصور للآخر أن له الحق في فعل ذلك لسبب معني، وتتوالى الأيام وتصبح هذه الممارسات الشنيعة عادة يستشعر فاعلها أنها أساس من شخصيته أو مقامه، وتعود على الموظف، الطالب، الشاب...إلخ بأضرار نفسية ثم بدنية وعقلية!

ستقابل دائمًا أشخاصًا من هذا النوع ... سيىء الطباع، يشعر بحاجته لإثبات نفسه، ينتقص الجميع وينتظر التقدير منهم، يحاول لفت الأنظار نحوه ولو كان ذلك يعود بمردود سلبي عليه، يؤمن أنه لا بد من أن يدفع أحدهم ضريبة نجاحه، أو من يلجأ للنقد الجارح ليفرض رأيه ووجوده، والأسوء أنه لا يشعر بالذنب حيال ذلك ... الإذعان لمثل هذه الشخصيات والتنازل يجعل منك إنسانًا قلقًا، مهما قدمت لا ترضي الطرف الآخر، مستنزف عاطفيًّا، فالحل الأمثل هنا أقتنع بما تفعله، ثق بنفسك لا تترك الفرصة لأحد أن يوقعك في فخه، لا يأخذك حسن النية في مثل هذه المواقف إلى الاستسلام والتنازل فعدم الرضوخ والرضا حجر الأساس لحل مثل هذه المشاكل، لا تنسى محاسبة نفسك فقد تكون أنت من فتح الباب لهم بأسلوبك المبالغ فيه بالتوقير وإعطائهم أكبر من حجمهم، فمهما كان يكبرك مقامًا وسنًّا تذكر أنه لا أحد يحق له الحديث معك بأسلوب يقلل من شأنك أو أن يتعالى عليك حتى وإن كنت مخطئا فالجميع يمكن أن يخطئ وردة الفعل المقبولة تلقاء غضب المسؤول أو أحد الوالدين التوجيه أو العقاب لا الإهانة والشتيمة، إياك أن تتأقلم وتفكر بأن تصمت عن هذا التعدي فلإفسادك لراحتك في هذه المرحلة طمأنينة قادمة على المدى البعيد، قل "لا" لكل إساءة لا تقبلها على نفسك.

في بعض الأحيان لا تجدي "لا" لتصد، فمن أمامك متخصص في التجريح والإيذاء، لن تجدي معه النصيحة ولا بشاشة الوجه، استمر بالغضب إزاء تجاهله لموقفك فالغضب أمر فطري جبل عليه الإنسان ومن الدهاء ان لا تقتله بل أن تستخدمه لصالحك دون مبالغة، فيمكن لغضبك أيضًا أن يوصلك في المستقبل إلى مكان أفضل مما أنت عليه في الوقت الراهن، فكما تقول جيل ليند فيلد في وصفها لكتابها (طرق الاحتفاظ بهدوئك) بأن "الغضب شيء خطير، ولكن عدم الغضب وقت اللزوم قد يكون أكثر خطورة".

ختامًا ... لن تواجه صعوبة في التصرف في مثل هذه الحالات إن كنت تمتلك مهارات الذكاء الاجتماعي وتعرف ما لك وما عليك، حينها ستكون قادرًا على أن تبني الحدود بوضوح، وتحترم حدود الآخرين، وتتعاطف معهم.