في زمن مضى، لعلي كنت أعتبر من المحظوظين بالتعرف على جهاز الكمبيوتر في وقت مبكر من الألفية الجديدة، حيث قامت أسرتي باقتناء الجهاز على الرغم من كوننا نقبع في الطبقة المتوسطة وكانت قلة قليلة آنذاك من يملكه في ذلك الوقت.
وكما هي العادة، فقد كانت جل اهتماماتنا محصورة في الجانب الترفيهي منه (الألعاب، الأفلام وغيرها) مع تجريب معظم أدواته من تسالي، ورسام، أوفيس وما يطول ذكره.
ولكنني منذ البداية، كنت أعشق برنامج البوربوينت وأفضله على بقية حزمة الأوفيس، ولعلي ازددت حباً به حين تجمع عدد كبير من أقاربنا فوق رأسي ليشهدوا مشروعا صغيراً قمت به على البوربوينت حيث وضعت صورا لبعض أخوالي لتظهر بالتوالي خلف بعضها وفي الخلفية شغلت أغنية رقيقة وكانت كلمات الأغنية تظهر لجوار كل شخصية، وحتى كان النقل بين الصور بدائيا وكان علي أن أنقر بنفسي لأنقل بين كل صورة وأخرى.
في يومنا هذا، قد يبدو ما قمت به قمة في البدائية والنمطية ولكن صدقا في ذلك الوقت قد كانت شيئاً جميلاً ولافتاً في محاولة لتقليد البرامج التي تظهر في التلفاز ومدعاة للفخر لاسيما من طرف الوالد، بل كان مجرد وجود صور رقمية لأحد الأشخاص من العائلة على الكمبيوتر أمراً مذهلاً ويعود الفضل في ذلك لخالي الذي كان من القلائل الذين اقتنوا جوالاً مزوداً بكاميرا وكان نقلها حصراً من خلال قارئة الذواكر حيث لم يكن البلوتوث شيئاً مذكوراً.
بعد ذلك بفترة، صرت من هواة المونتاج وقطعت أشواطا كبيرة فيه، ولكني هنا أود التركيز على البوربوينت حيث إني بعد سنوات من إهماله ووضعه على الرف، توظفت في عمل إداري وكان عملي محصورا في برامج الوورد والإكسل وغيرها من برامج إدارة المشاريع، وكنت أفرح كثيرا حين يطلب مني أي عمل في بوربوينت وأظهر تميزاً إضافياً فيه، إلى أن جاء اليوم الذي تعرفت فيه على منصة مستقل ومن ثم خمسات وسط صورة نمطية سائدة في محيطي بأن العمل الحر أو العمل عن بعد ما هو إلا وهم ولا سيما في بلد مثل سوريا عانى ما عاناه وليس فيه أدنى مقومات التحويلات المالية المتطورة كالبيبال وغيرها.
رغم ذلك، أنشأت حسابي وعرضت خدماتي وأعمالي السابقة وبفضل الله وتوفيقه مضيت في واحدة من أروع وأقوى تحولاتي المهنية، واليوم حققت بفضل الله هدفي لعام 2025 في منتصفه بالوصول إلى 300 مشتري لخدماتي في خمسات بعد أن كان هدفي السنة الماضية هو 100 مشتري ولم يكن بالحسبان أن تلك الهواية التي أكلت من طفولتي ساعات وأيام ستتحول على الرغم من بساطتها -حيث لم أحترف العمل على برامج أدوبي مثلا- إلى مصدر دخل إضافي بحمد الله.
وهنا، دعوة بسيطة أوجهها لكم لا تستصغروا من مهاراتكم ولا تحقروا منها شيئا، واصلوا التعلم وحفزوا أبناءكم وشجعوهم ووفروا لهم الأدوات والبيئة التي تمكنهم من الإبداع، والأهم من ذلك ركزوا في مهارات محددة ولا تشتتوا أنفسكم.
أتشرف باطلاعكم على معرض أعمالي:
أحب أيضاً أن تشاركوني أي تجارب مشابهة مررتم بها.
التعليقات