سياسات الإصلاح الاقتصادي في مصر ونصائح استثمارية للأفراد للتحوط من الأزمة.
(بقلم: إسلام جهادالدين، ماجستير إدارة الأعمال، مُهتم بالشؤون الاقتصادية)
بداية من وباء كورونا مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية وتمر مصر بالعديد من الأزمات الاقتصادية التي أسفرت عن العديد من موجات الغلاء في السلع الأساسية التي يعتمد عليها المصريين بصفة رئيسية في حياتهم اليومية، وقادت تلك الموجات إلى العديد من التساؤلات حول آليات اتخاذ القرار وإدارة الأزمة داخل دوائر صنع القرار الاقتصادي في مصر. وهنا في هذا المقال نحاول تبسيط وتفسير الوضع الاقتصادي في مصر ومختلف آليات مواجهة الأزمة الاقتصادية واستقراء المستقبل القريب وتقديم توصيات للأفراد غير المتخصصين الراغبين في تلافي آثار الأزمة الحالية من خلال أدوات استثمارية مختلفة.
ملامح الأزمة الاقتصادية:
تعاني مصر من أزمة اقتصادية خانقة، حيث أن النمو الاقتصادي لمصر يتباطأ، مع تراجع الإيرادات السياحية والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقد تسببت أزمة كورونا في تباطؤ النمو الاقتصادي في العام الماضي، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6٪ في الربع الثالث من 2020، وانخفض النمو السنوي إلى 2.3٪ في العام 2020، مقارنة بنمو قدره 5.6٪ في 2019.
وقد أعلنت الحكومة المصرية عن عدة مبادرات اقتصادية لتعزيز النمو وخلق فرص عمل جديدة. ومن بين هذه المبادرات، تقديم برامج دعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، وجذب المستثمرين الأجانب، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية، وتطوير الصناعات الجديدة والتكنولوجيا ومع ذلك، تواجه الحكومة تحديات كبيرة في تنفيذ هذه المبادرات، حيث يواجه البلد تحديات هيكلية كبيرة.
وعلى المدى القصير، تحتاج مصر إلى إجراءات اقتصادية مؤقتة لتخفيف الضغوط الاقتصادية الحالية، مثل خفض الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، وتطبيق إصلاحات ضريبية لتحسين الإيرادات الحكومية، وتعزيز الصادرات للحد من تأثير تراجع قيمة الجنية المصري أمام الدولار.
ومن المهم أيضًا ملاحظة أن تحسين الوضع الاقتصادي في مصر لن يتحقق في المدى القريب دون حل مشكلات الفساد والشفافية. وبدون هذه الإصلاحات السياسية والاجتماعية، سيبقى الاقتصاد المصري تحت ضغط العديد من التحديات التي تهدد استقراره.
كما تتأثر قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي بالعديد من العوامل المختلفة، ومن بين هذه العوامل:
1. نقص المعروض النقدي:
عندما ينخفض المعروض النقدي في الاقتصاد، يتراجع سعر العملة المحلية بشكل عام. ويمكن أن يحدث ذلك نتيجة لعوامل مثل تباطؤ النمو الاقتصادي أو تزايد معدلات التضخم، وهذا يؤثر سلبًا على الجنية.
2. العجز في الميزانية:
في حالة تزايد الإنفاق الحكومي بشكل كبير مقارنة بالإيرادات، يؤدي ذلك إلى زيادة العجز في الميزانية العامة، ويمكن أن يؤدي هذا العجز إلى إجراءات تقشفية من الحكومة، مثل زيادة الضرائب أو تخفيض الإنفاق، وهذا قد يؤثر على الجنية.
3. تباطؤ النمو الاقتصادي:
تباطؤ النمو الاقتصادي يؤثر على الجنيه المصري بصورة سلبية، حيث يقلل من الاستثمارات الأجنبية ويجعل المستثمرين الأجانب أقل اهتمامًا بالاستثمار في مصر، مما يؤدي إلى تدفق أقل من العملات الأجنبية إلى البلاد ويؤدي إلى انخفاض قيمة الجنية.
4. تدفق العملات الأجنبية:
يؤثر تدفق العملات الأجنبية إلى مصر بصورة مباشرة على قيمة الجنية، حيث يؤدي زيادة تدفق العملات الأجنبية إلى قوة الجنية، والعكس صحيح عندما ينخفض تدفق العملات الأجنبية.
إصلاحات ضرورية!
تحتاج الحكومة المصرية إلى تطبيق إصلاحات هيكلية جذرية في الاقتصاد لتحقيق النمو المستدام وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين. ومن بين الإصلاحات الهيكلية التي يجب على الحكومة المصرية تطبيقها:
1. إصلاحات الميزانية والدين العام:
تقليل الإنفاق الحكومي غير الضروري، وتحسين إدارة الدين العام وتقليل معدلات الفائدة على الديون الحكومية، وتوسيع قاعدة الضرائب وتحسين تحصيلها.
2. إصلاحات القطاع المالي:
تحسين البنية التحتية المالية للبلاد، وتحسين التمويل البنكي وتوسيع نطاق الخدمات المالية لتشمل عدد أكبر من المواطنين والشركات.
3. إصلاحات القطاع العام:
تحسين إدارة الشركات الحكومية وزيادة كفاءتها، وتحرير الاقتصاد وتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
4. إصلاحات القطاع الزراعي:
تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتطوير البنية التحتية الزراعية وتحسين توزيع المياه وتوفير التمويل والتكنولوجيا الحديثة للمزارعين.
5. إصلاحات التعليم والتدريب:
تحسين جودة التعليم وتطوير البرامج التدريبية لتوفير المهارات والخبرات التي تحتاجها الشركات وتحسين جودة العمالة.
6. إصلاحات البنية التحتية:
تحسين البنية التحتية العامة، مثل الطرق والجسور والمطارات والموانئ والشبكات الكهربائية والاتصالات.
7. تحسين بيئة الأعمال:
تبسيط إجراءات التراخيص والتسجيل وتحسين الحماية القانونية للمستثمرين وتحسين البيئة التنظيمية والضريبية لتشجيع المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
يجب أن تعمل الحكومة المصرية على تطبيق هذه الإصلاحات بحزم واستمرارية لتحقيق النمو المستدام وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر. ويجب أن تتخذ الحكومة إجراءات حاسمة لتحقيق هذه الإصلاحات، مثل تحسين الحوكمة ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتنفيذ خطط عمل واضحة ومتكاملة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر.
برنامج الطروحات الحكومية:
يوجد العديد من الطروحات الحكومية التي تهدف إلى دعم الإصلاح الاقتصادي في مصر وتعزيز النمو الاقتصادي. وتشمل هذه الطروحات عده محاور:
1. طروحات الشركات الحكومية:
وهي بيع أسهم الشركات الحكومية في البورصة لجذب المستثمرين وتحقيق العوائد المالية للحكومة ومن بين الشركات التي تم طرح أسهمها في السوق المصرية في السنوات الأخيرة، شركة بتروجت وشركة النيل للأسمنت وشركة القلعة للاستثمارات المالية.
2. طروحات السندات الحكومية:
تشمل هذه الطروحات بيع سندات حكومية في البورصة للمستثمرين المحليين والأجانب. وتستخدم الحكومة عادة هذه الطروحات لتمويل عجز الميزانية وتحسين إدارة الدين العام.
3. طروحات الشركات الخاصة:
وهي بيع أسهم الشركات الخاصة في البورصة لتمويل نموها وتوسعها، وتعزيز الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية والسياحة والطاقة وغيرها.
4. الطروحات المشتركة:
وهي بيع أسهم شركات حكومية وخاصة معًا في إطار شراكات استراتيجية لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يعتبر برنامج الطروحات الحكومية في البورصة احدى الأدوات الفعالة لتمويل الإصلاح الاقتصادي في مصر وتعزيز النمو الاقتصادي، ويتطلب نجاح هذا البرنامج توفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة وتحقيق الشفافية والمساءلة في الإدارة المالية والتنظيمية للطروحات.
توقعات المستقبل!
أن توقعات الوضع الاقتصادي في مصر غير واضحة حاليًا نتيجة ضبابية الوضع الاقتصادي وعدم توافر المعلومات بشكل كافي، ولكن من المتوقع أن يتحسن الوضع الاقتصادي في مصر تدريجيًا في حالة التزام الحكومة المصرية بتنفيذ برامج الإصلاح الهيكلي والطروحات الحكومية في البورصة وتعزيز التنافسية وتحفيز الاستثمارات الأجنبية.
نصائح استثمارية للأفراد للتحوط من الأزمة:
في ظل الأزمات الاقتصادية وعدم وضوح الرؤية خاصة للأفراد غير المتخصصين يفقد الكثيرين قيمة مدخراتهم، ولذا أحاول هنا تقديم بعض النصائح الاستثمارية للأفراد للتحوط من الأزمة والحفاظ على قيمة مدخراتهم وتعظيم قيمتها.
وتشمل تلك النصائح:
1. الذهب:
يعُد الذهب من المعادن الثمينة التي تتمتع بشعبية كبيرة في الاستثمار في مصر وحول العالم. فالذهب يعتبر ملاذاً آمناً للمستثمرين في الأوقات الاقتصادية الصعبة، حيث يعتبر أصل منخفض المخاطر ويتمتع بسوق دولي نشط ومستمر.
تتوفر في مصر فرص الاستثمار في الذهب من خلال العديد من الأشكال والطرق، بداية من شراء المجوهرات والسبائك وصولاً إلى شراء الذهب عبر صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة المصرية ومن أهم مزايا حفظ استثمارك في الذهب: الحفاظ على قيمة أموالك في ظل الأزمات، وانه سلعه مطلوبة عالميًا، ومنخفض المخاطر.
ومن واقع خبراتي العملية، انصح بشراء السبائك المغلفة وجنيهات ذهبية من الشركات المعروفة والموثوقة وشراءها على فترات زمنية حيث يوفر ذلك توفير متوسط مناسب لسعر الشراء.
2. البورصة:
يوجد العديد من الفرص الاستثمارية في البورصات العالمية والمصرية حاليًا، حيث انخفضت أسعار الأسهم بشكل كبير نتيجة الأزمات المتتالية بداية من أزمة جائحة كورونا مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية وانتهاءًا بإعلان بعض البنوك إفلاسها مما أدي لذعر في الأسواق. ويعتبر وقت الأزمات هو الوقت المناسب لدخول البورصة حيث يمكنك شراء الأسهم المميزة بأسعار منخفضة والتجارة فيها على المدي القريب (ببيعها بعد فترة قصيرة) أو بالاستثمار فيها على المدي البعيد من خلال (عدم بيع الأسهم وحفظهم لسنوات) وأخذ العائد السنوي الناتج عن أعمال تلك الأسهم.
ومن واقع خبراتي العملية، في حالة رغبتك في الاستثمار المباشر يمكنك الاستثمار من خلال تطبيق "ثاندر" وهو يتيح استثمار بدون رسوم للأفراد او من خلال شركات والوساطة وإدارة الأموال والتي توفر النصائح الفنية للمستثمر ومن مزايا الاستثمار في البورصة: الحفاظ على قيمة رأس مالك بالإضافة إلي الحصول على أرباح سنوية نتيجة أعمال الأسهم.
وسنكون جميعًا في انتظار نتائج الإصلاحات الحكومية وانعكاسها على الوضع الاقتصادي للأفراد وأسعار السلع الأساسية.
التعليقات