ورد في قصة من طرائف التراث، أنه في إحدى القرى كان يوجد محتال يدعى معيكل، وكان ظاهره مفلس ومعدم، فجاء بعلبتين من القمامة وقام بملئها بالرمال وفرش يبيعهم بالسوق، فأشترى أحد المارة منه العلبتين بقطعتين نقديتين من باب الشفقة ليساعده، وبنهاية اليوم تفاجئ الرجل بوجود معيكل يدق بابه بقوة ويطلب منه أن يبيعه العلبتين نفسهم بضعف المبلغ، فقال الرجل له خذهم بالمجان فلا حاجة لي بهم، ولكن رفض معيكل إلا أن يدفع له ضعف الثمن وهو 4 قطع نقدية، وانتشرت القصة في القرية، وبدأ الكثير من الناس يشترون من معيكل علب الرمال التي ارتفع ثمنها إلى 50 قطعة نقدية، وبالفعل يأتي معيكل بالمساء ليشتريها منهم بالضعف، وعلى هذا المنوال بدأ معيكل يعرض عددا أكبر من علب الرمال ويرفع ثمنها والناس تشتري منه وهم يعلمون أنهم سيستردون ضعف المبلغ بنهاية اليوم، حتى وصلت عدد العلب المعروضة ل 1000 علبة وثمن الواحدة 500 قطعة نقدية، وتم بيعها جميعها للناس، ولكن الغريب أن معيكل لم يأتي بعدها ليسترد العلب بضعف المبلغ، ولما وجدوه أخيرا بعد أيام سألوه الناس عن سبب عدم شرائه للعلب مرة أخرى، فرد عليهم بـ "من المجنون الذي يشتري علب رمال وهو موجود بالمجان، أنا اشتريت مزرعة كبيرة وأنا مشغول بها الآن، ابتعدوا عن طريقي"، وهكذا علموا أن معيكل المحتال استطاع أن يأخذ أموالهم برضاهم وبطريقة شرعية حصل منهم على مبلغ نصف مليون قطعة نقدية، ولم يعد بيدهم حيلة.
في كل مرة أسمع فيها مصطلح العملات الرقمية أتذكر قصة معيكل وأشعر بأن هذه العملات هي علب الرمال الخاصة بعصرنا، فالعملات الرقمية عبارة عن فقاعة غامضة، لا نعلم حقيقة وكيفية ظهورها، ولا كيف ارتفع ثمنها إلى أرقام خيالية.
والمشكلة الأكبر أن العملات الرقمية ليس لها مرجعية، كلما أتخيل أني أملك عملات رقمية واختفت من محفظتي لأي سبب كان سواء اختراق هاكرز أو حتى أني نسيت كلمة المرور أو حتى بقيت ولكن نزلت قيمتها للصفر أو أي سبب آخر، حينها ماذا سأفعل ليس هناك مركز أو شخص مسؤول عنها لألومه أو لأقاضيه، وقتها سيكون وضعي مثل أهل قرية معيكل تماما، أي لن يكون بيدي حيلة.
وأنتم ما رأيكم بالعملات الرقمية، هل تعتقدون إنها استثمار المستقبل وأنها آمنة أم هي تكرار لقصة معيكل؟ ومن لديه تجارب بهذا المجال فليشاركنا بها.