في إحدى المدونات الخاصة في ريادة الأعمال , قام صاحب المدونة بكتابة تدوينة تحريضية على الوظائف و أنها مجرد عبودية لا تستساغ !

و من كلامه :

كون أنني أضيع نصف يومي في الدوام كي أصنع ثروة للآخرين ،،هذه حماقه.

“صحيح أنه ليس لدي طموح .. لكن بصراحة يجب أن يكون هناك مكان مخصص لنا .. نحن .. الناس “اللاطموحين” .. بحق الله, كيف يمكن للمرء أن يستمتع بعيش وهو يستيقظ الساعة السادسة والنصف تحت رنين المنبه .. يقفز من سريره .. يرتدي ملابسه .. يتناول إفطارا لا يشتهيه رغما عنه .. يذهب للحمام ويتبول ويتغوط .. يفرش أسنانه .. يمشط شعره .. ثم يصارع الزحام في الشوارع والضجيج .. ليذهب إلى مكان الهدف منه صنع ثروة كبيرة لأشخاص آخرين .. ثم يطالبونك بأن تكون ممتنا وشاكرا للفرصة التي منحوها لك لتصنع لهم الثروة . انتهى

هذا الكلام كتب منذ أكثر من 10 سنوات , أنا ذلك المراهق المسكين الذ يبلغ عمره الآن 28 سنة لا زلت اتذكر هذا الكلام جيداً , كنت متحمساً لكلامه لأنه واقعي و منطقي في نفس الوقت , فكيف أعمل للآخرين و لا أعمل لنفسي ؟! لماذا أصبح عبد لأرباب العمل و بإمكاني صنع وظيفة لنفسي دون العمل لدى الآخرين ؟

بسبب حبي و حماسي للمال و الثراء أصبحت تطربني مثل هذه الكلامات و الحقائق الغائبة عن الناس !

العجيب بالأمر رغم حماسي و محاولاتي كلها باءت بالفشل و حتى الآن لا زلت عاطل عن العمل و أعيش تحت ضغط عائلي و اجتماعي هائل بسبب أنني لم أحظى بعمل رغم توفر الشهادة الجامعية , فلا نجحت في صنع ثروة لنفسي و لم أحصل على وظيفة , قضيت خلال العشر السنوات السابقة في محاولة معرفة صنع ثروة بأي طريقةً كانت !

أكبر أمنياتي الحالية أن أحصل على وظيفة بأي راتب لأتخلص من الضغوط الاجتماعية لشاب يصنف كفاشل , أريد أن استيقظ كل صباح مبكراً لأذهب للعمل حتى لو أزعجني رنين المنبه , أريد أن أقفز من سريري لأمارس الحياة الطبيعية و ليس الأحلام و الخرافات , أريد أن أقضي برهة من الزمن في اختيار اللباس المناسب و العطر الجميل و أمشط شعري لأظهر بأفضل صورة أمام زملائي الموظفين , أريد أن أزاحم الناس في الشوارع حتى أصل لمقر عملي ! , أريد أن أتباهى أمام أصدقائي بأن لدي عمل ممتاز , أريد أقوم بذم و القدح في مديري بالعمل كما يفعل أصدقائي بدلاً من الأعتذار منهم لأنهم يختلفون عني بحصولهم على وظائف خاصة . نعم أريد هذه الحياة !

العجيب في الأمر أن هذا المدون بعد أن كتب تدوينته هذه نام مبكراً لكي يتجهز للعمل لأنه موظف في شركة و لم يفكر أن يتمرد , ماذا عن تدوينته الثورية و التحريضيه ؟! مجرد هرطعت كلام فقط .

خلاصة الكلام :

بحكم تجربتي الخاصة في مثل هذه التدوينات و الفديوهات التحريضية وجدت أن أصحابها مجرد فرقعة كلام تضر لا تنفع أغلبهم موظفين , و بحكم أن هذا مجتمع حسوب أغلب المستخدمين فيه ما بين عمر 16 إلى 22 سنة , فأنصحكم بالتركيز على الحصول على شهادة علمية بدرجات جيدة , أفعلوا كل الأسباب التي تجعلكم تحصلون على وظيفة متميزة ذات راتب مرتفع , لا تكرروا أخطائي بالعيش بالخيالات و الأماني مدعوماً بالكسل .

اتذكر عندما كنت بالجامعة عندما كنت أذاكر أقول لنفسي : لماذا تذاكر و تصر على المذاكرة لتصبح عبد و خادم عند الآخرين ؟ لماذا لا تفتح مشروع تجاري يجعلك تجلب المال و توظف الآخرين ؟ . ( فكنت أتكاسل عن المذاكرة و أبحث عن قصص الناجحين و أفكار و مشاريع ممكن أن تجلب الثراء )

و السلام ...