شاهدت قبل فترة فيلماً وثائقياً من إنتاج DW باللغة العربية، تناول موضوع الخجل والعار لدى الإنسان وكيف يرتبط هذا الإحساس العميق بالانتماء الاجتماعي وبآليات البقاء داخل القبيلة أو المجتمع. عرض الفيلم فكرة أن هذا الشعور لا ينشأ صدفة، بل هو نتاج تربية اجتماعية تبدأ منذ الطفولة، عندما يُؤدَّب الطفل ويُوجَّه بنبرة تحذيرية حول ما عليه فعله وما عليه تجنبه. هذه التوبيخات والتوجيهات المتكررة تُشَكِّل تدريجيًا إحساسًا داخليًّا بالخوف والعار، يؤثر في كيفية رؤية الإنسان لنفسه وللآخرين.

ركز الفيلم بشكل خاص على أن الخجل والعار لا يتعلقان بالخطأ أو السلوك فحسب، بل هما مرتبطان بعلاقات القوة داخل المجتمع. وأظهر كيف أن هاتين الصفتين يتجذران بعمق لدى الضحايا، وقد يظل العار ملازمًا لهم رغم مرور الزمن. في المقابل، قد لا يعاني الجاني من أي مشاعر مشابهة—لا خجل ولا ندم—حتى تجاه نفسه أو تجاه الضحية.

وبصفتي شخصًا نشأت وأنا أُصارع هذه المشاعر، سواء كانت رد فعل اجتماعيًا أم داخليًا، ساعدني هذا الفيلم كثيرًا في تفكيك مفهوم الخجل والعار وفهم مشاعري بشكل أعمق. ساعدني أن أعي متى وكيف تتشكل هذه العواطف في النفس، وما هي الظروف الاجتماعية والنفسية التي تعززها أو تبقيها حيّة.

مثل هذه الأعمال الوثائقية ذات قيمة كبيرة، لأنها لا تطرح المواضيع بالمجمل أو بشكل سطحي فحسب، بل تحاول الوصول إلى الجذور والأسباب—وتفتح بابًا للفهم والشفاء أكثر مما تثيره من أسئلة.