ولد أحمد في مجتمع عربي لأبوين تقليدين، وكعادة الإباء فإن أغلبهم يربون أولادهم كما تمت تربيتهم فقرروا ان يربى أحمد كما تربوا، وبالطبع كالعادة لن يستطيعوا ان يربوه وحدهم وأن يربوه بما يناسب شخصيته بل يربونه بما يناسب العادات والتقاليد ورأي المجتمع والدين.

لا مجال للفشل لا مجال للتعثر ولا مجال للتحسن، هكذا يربى الطفل العربي من يوم إدراك والديه ان هنالك زيجوت مرتبط ببطانة رحم الأم فيقرر أسم الطفل وتقرر شهادته ووظيفته ويتم حجز زوجة له وليس ببعيد عن الخيال أن يقرر كل ما سبق لأولاده. بعد كل هذه الاختيارات - التي لم ولربما لن تختارها لو كان لك حرية - تأتي مرحلة هيا لنحقق أحلامك والتي هي في الأصل أحلامنا ولكن لا يوجد هنالك أي مشكلة في إلصاقها بك حيث أنك طفلنا وبالتالي انت وما تحقق ملك لأباءك وأجدادك والمجتمع والعادات ........... إلخ.

في هذه المرحلة لا يوجد لك سوى خيار، فأنت لا اختيار لك سوى النجاح في تحقيق كل ما أختاره لك المجتمع، هم الناضجون وأنت لا هم الخبراء وأنت لا، للتلخيص هم أنت ولكن أنت لست هم.

مجتمعنا العربي بكل طبقاته اتجاهاته هو مجتمع يستخدم ضغط النظائر منذ طفولتنا ليدفعنا نحو النجاح ولا يدرك ان هذه هي الطريقة المثالية لقتل شخصية الطفل المتميزة ، فالطفل ينسى من هو و يبدأ يتنافس مع أطفال مختلفين في شتى المواهب و من ثم يشعر بكره الذات و يشعر أنه فاشل و هذه هي النهاية وان لا مفر له من الفشل سوا الفشل ، من اللازم ان تتفوق في كونك طفل و كونك طالب و كونك موظف و كونك زوج و كونك أب و كونك مسلم و كونك عربي و كونك انسان و كونك كل شيء لتتمكن من المعيشه بسلام في أوطاننا، الكمال هو وهم لم و لن يصل أحد له لأن وصولك للكمال يعني أنك اله ولكن في مجتمعنا هنالك ملايين الأشخاص اللذين يدعون الألوهية - وهو أمر لا يثير سوى الضحك أو السخريه نظرا لما نحن فيه من وضع عالمي من جميع النواحي - وان لم يدعوا فأنهم يطالبونك ان تكون الاله يطالبونك ان تكون الأفضل ولم يفكروا في تربيتنا على أن ندرك على أن من أبسط حقوقنا أن نفشل ، أن نفشل كي نتعلم و ندرك أين اخطئنا و كيف لنا أن نصلح هذا الخطأ و كيف لنا من الأساس ان نتعامل مع الفشل وان لا يطاردنا هاجس الفشل كلما التفتنا يساراً و يميناً و في كل خطوه وفي كل مشروع و في كل قرار فيمنعنا الخوف من التجربة ونتحول لمجرد نسخ مكررة من بعضنا البعض ، الفشل جزء لا يتجزأ بتاتاً من تجربة الحياة و ان تمنعني من المرور به هي واحده من أكبر السرقات في حقي كإنسان.

فلنتقبل ان نفشل، حينها فقط سنتعلم ولربما ننجح.