في الفترة الحالية كثيراً ما نسمع عن جدوى تعلم اللغة الصينية و أنها لغة المستقبل .
هذه الدعوات صدرت بعد التطور الكبير الذي عملته الصين في نهضتها الاقتصادية منذ عام 1980 م حتى أصبحت مصنع العالم و أكبر منتج لجميع السلع بما فيها التقنيات المتقدمة و الطبية و الهندسية .
هذا التطور جعل الناس يتنبأون بمستقبل اللغة الصينية بأنها سوف تكتسح العالم .
في وقتنا الحالي اللغة المعتمدة عالمياً هي اللغة الانجليزية , دعونا نعرف لماذا أصبحت الإنجليزية لغة العالم !
قبل أن نعرف تصدر الإنجليزية , سوف نذهب سوياً للعصور الذهبية للتاريخ الاسلامي و العربي بدءً من الدولة الأموية و العباسية , يقول نسيم طالب الأمريكي لبناني الأصل صاحب كتاب البجعة السوداء أن التطور السريع للحضارة العربية الإسلامية أخذ وقت قليل نسبياً في 200 سنة استطاعت السيطرة على أقاليم كبيرة و غيرتها دينياً و ثقافياً و سياسياً . انتهى
في مدينة ترمذ و هي تقع في وقتنا الحالي بين باكستان و إيران , كان أهلها يتكلمون اللغة العربية بصورة جيدة و قد خرج منها الإمام الترميذي صاحب مصنفات الحديث , و أيضاً أغلب مناطق خراسان كان أهلها يتكلمون العربية و أصبح لهم مؤلفات أدبية و شعرية و دينية باللغة العربية لا زلنا نقرأها حتى اليوم . ( نحن نتحدث عن لغة أساسية و ليس لغة رديفة يستخدمها المجتمع )
إذاً كانت السيطرة السياسية و الأدلجة الدينية و الثقافية لها دور كبير في استخدام اللغة العربية , فالتأثير الإقتصادي لم يكن عاملاً رئيسياً .
في وقتنا الحالي و منذ الـ 200 سنة الماضية كانت بريطانيا تهيمن على ربع الأرض و تفرض قوانينها و تشريعاتها , فحرصت على فرض اللغة الانجليزية في كل أرض تطأها في جميع التعاملات رغم قلة عدد و صغر جغرافية المتحدثين بهذه اللغة في سكسونيا فأمريكا اليوم تتحدث باللغة الانجليزية بسبب قدرة الانجليز على فرض هذه اللغة في الأرض الجديدة رغم أن الهولنديين و الأسبان و البرتغاليين سبقوا الانجليز عليها .
لم تكن القوة الاقتصادية لها علاقة و إنما بالسيطرة السياسية فكيف تفرض تعلم اللغة الانجليزية على شعب أفريقي مثل دولة جنوب أفريقيا أو كيف تفرض اللغة العربية على الأمازيغ و هكذا .
في نهاية الأربعينات من القرن الماضي و بعد أن ضعف نفوذ بريطانيا بتأثير الحرب العالمية الأولى و الثانية صعد في الوقت نفسه القطب الجديد و هي أمريكا التي تتحدث الانجليزية فعززت هذه اللغة لتصبح لغة العالم .
خلاصة الأمر , اللغة الصينية تفتقد لمقومات تجعلها لغة العالم فهي صعبة التعلم + الصين ليس لها سيطرة سياسية + الصينين يفتقدون للمرونة و الذكاء الذي عند الانجليز في فرض ثقافتهم و لغتهم لأنهم عادة قساة و لا يجيدون التعامل مع الثقافات الاخرى
السبب الثاني هو تطور التقنيات المتقدمة في الترجمة بين اللغات , الفترة القادمة قد لا نحتاج أي مترجم يفصل بيننا في مشاهدة فيلم أو قراءة كتاب للغة تختلف عنا .
أيضاً الميزة التنافسية للصين اقتصادياً هي قلة تكلفة الأيدي العاملة و مع توفر الربورتات أصبحت المصانع ليست بحاجة لأيدي عاملة رخيصة لأن الربورتات تفوقت على هذه الميزة التنافسية و هذا ما تعول عليه الدول الأوربية !
هل ترى أن هناك مستقبل لهذه اللغة ؟
التعليقات