زوال رأس أيّ نظام لا يعني نجاح الثورة.. بل العكس.. هو بداية الالتفاف كما حدث في أكثر من بلد عربيّ.. يراد للفشل بأن يكون من أعدل الأشياء قسمة بين الشعوب العربيّة..

زوال الحاكم المباشر هو العتبة.. والخروج من عتمة الدكتاتورية واللحاق بشمس الحرية يحتاجان حذرا كبيرا ووعيا حادًّا.. فالنظام العربي الرسميّ كتلة من الصخور الكلسية المستعصية على التفتيت.. وفُتاتها يصيب الدولة في الكُلَى ويهدّد أمعاءها بالتلف ومعدتها بالقروح..

صنعوا العسكر ليكون حصونا منيعة تمنع الشعوب من القيام والحرية من الشروق والعدالة من الكون.. صار العسكر طبقات يخفي بعضها بعضا مثل فِخاخ متراكبة.. إذا نجا الشعب من بعضها وقع ضحية بعضها...

في اليمن عاد علي عبد الله صالح بين صفوف العسكر ليقود الثورة المضادّة وليتحالف مع الشياطين لتدمير اليمن.

في ليبيا سقط القذّافي فأطلقت أمريكا سراح خليفة حفتر بديلها العسكريّ ليدخل البلاد يقود ضدّها ثورة على ثورة الشعب الليبيّ يجرّ عساكره وراءه.

في مصر تسلل عسكري حانث بيمينه من بين الجموع.. ترك دبابته وركب ظهور نخبة حمقاء واضعا على وجهه ابتسامة سخيفة رآها مثقف كبير أشبه بابتسامة آيزنهاور.. جاء العسكريّ يتمطّى على ظهور ناعمة فأحرق أقوى خصومه وترك باقي النخبة في العراء.. وتلهّى بالعبث بأقفيتهم كما يشتهي..

وفي سوريا رئيس لا يعدو واجهةً مدنيةً لجيش جرّب أولى فحولاته في مدن البلاد فجعلها قاعا صفصفا.. فصارت سوريا أثرا بعد عين.. ولم يبق من بلاد الشام غير بشار.. وبس.

وفي الجزائر جيش يتحكم به جنرالات زرعتهم فرنسا لمهمة واحدة هي جَلد الشعب واحتكار الثروة وتقديم الخدمات لوكلاء له وراء البحر.. هذا الجيش لا يزال في ورشة الاحتيال لإحراق الربيع... ولكن الشعب الجزائري يصرّ على ((تتنحّاو قاع))...

وفي السودان أخفى عُمَرَ البشيرَ صنيعتُهُ وزيرُ دفاعه تابعُه الوفيُّ.. والشعب السوداني لا يزال يفكّك ألغام البيان الأوّل.