تحديث 1: يبدو أنني أخطأت في كتابة الموضوع.
سبب وهو أنني لست متمكنا في علم الفقه ولا الحديث. فما انسخه واكتبه هو نقل فقط وليس اقتناعي الكامل بما نقلت لأني لم أدرس ما نقلت.
ملخص ما يرومه الشنقيطي-حسب ما نقلته من صديق لي - هو "ان حد الردة اﻷثري يسقط بالتقادم، نقطة وأول السطر. ولمن لم يعجبه فلكم دينكم ولي دين"
"عقوبة الردة أخروية لا دنيوية: ثلاثون ملاحظة"
محمد مختار الشنقيطي
من أعظم المبادئ الإسلامية التي فرَّط فيها المسلمون على مرِّ القرون مبدأ منع الإكراه في الدين، ليكون الدين لله.. ويبقى باب الرجوع إلى الله مفتوحا للناس ما بقُوا..
وردت آية "لا إكراه في الدين" بصيغة من أعم صيغ العموم في اللغة العربية وهي النكرة في سياق النفي والنهي.. مما يعني شمولها لكل الأحوال: ابتداء، واستمرارا، وانتهاء..
عجباً ممن يسألنا ماذا فعلتم بحديث آحاد -مطعون في سنده وملتبس في معناه -:(من بدَّل دينه فاقتلوه)- ولا يسأل نفسه ماذا فعل هو بآية قرآنية محكمة: (لا إكراه في الدين)؟
القطعي (القرآن الكريم) مقدَّم على الظني (حديث الآحاد) عند العقلاء، فضلا عن العلماء، والترجيح عند التعارض واجب، وأي تعارض أكبر من حكم تترتب عليه موت أو حياة؟
التمييز بين التسامح ابتداءً والقتل انتهاءً تكلف وتناقض. وقد وردت الآية بأعم صيغ العموم في العربية كما رأينا (النكرة في سياق النفي والنهي).
استفت قلبك أيها المسلم: أي الكسبين تفضِّل بين يديْ ربك: إزهاق روح بحيدث آحاد، أم إحياؤها بآية محكمة؟ وأيهما أسهل أن تخطئ فيه: قتل بريء أم تبرئة مستحق للقتل؟
ليس قتل المرتد سوى مصيبة من المصائب الفقهية في تاريخنا التي قاد إليها نبذ القرآن وراء الظهور، وجعل الشريعة خادمة للدولة، بدل العكس المفترَض.
من جاهَر بالردَّة في مجتمعاتنا فواجبُنا أن نُجاهر بدعوته إلى الإسلام، وليس من حقنا أن نقتله، فربنا عز وجل يقول: "لا إكراه في الدين."
لو كان ما وقع من قتل للمتمردين في عصر الصحابة حداًّ شرعيا لما صحَّ تنفيذه دون تقاضٍ. ولم يرد تقاض في موضوع الردة في عهد النبوة أو الصحابة.
إذا كانت الردة موقفا فكريا بحتا، وليست تحريضا على الإسلام أو استخفافاً به فلا عقوبة فيها، وإذا دعا صاحبها الناس إليها، فيجب مقاومة الفكرة بفكرة، وإذا تحولت تحريضا واستخفافا يعاقب صاحبها تعزيرا بالحبس أو نحوه، لا بالقتل.
التمييز بين الكفر بالمولد والكفر بالردة يعني أننا نجعل من الجُرم أن يولد الإنسان مسلما، ونجعل الإسلام نيرا في رقاب الناس وهو الذي جاء لتحرير الناس!!
عجبا لمنطق فقهي يؤمن بإكراه المسلمين في الاعتقاد، وبحرية غير الملسمين في الاعتقاد. وهذا أكبر تناقض في قول المميزين في الإكراه في الدين بين الابتداء والاستمرار.
كانت حروب الخليفة الصدِّيق ردا على التمرد العسكري الجماعي على السلطة الشرعية، وعلى منع حق الفقراء في الزكاة، ولم تكن لإكراه الناس -كأفراد- على الرجوع إلى الإسلام. وكثير من "المرتدين" في عهد الصديق لم يرفضوا الإسلام أصلا، وإنما منعوا الطاعة والزكاة.
الردة أعظم الذنوب في الإسلام، لأنها هدم لأساس الدين، لكن الإسلام لم يضع لها عقوبة دنيوية، لأن الإكراه يجلب النفاق لا الإيمان.
صحَّ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله بعدم قتل المرتد المتمرد بعد القدرة عليه، وذلك في قصة الرهط من بني بكر بن وائل.
قال عمر في أولئك الرهط: "لأن أكون أخذتُهم سِلْماً كان أحب إليَّ مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء... كنت أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه..."
النفاق كله شر، وهو شر من الكفر الصراح الخالي من النفاق.. والتدين من غير حرية عبودية للعباد، لا عبادة لرب العباد.
أنكر اثنان من أعلام التابعين هما الثوري والنخعي حد الردة وقالا بالاستتابة أبدا... وهو ما يعني مواجهة الفكرة بفكرة لا أكثر..
المشهور في المذهب الحنفي عدم قتل المرأة بالردة، لأنها لم تكن مقاتلة في المجتمعات القديمة، وهو تمييز موفَّق بين التمرد العسكري والموقف النظري فشل في إدراكه أغلب فقهاء المذاهب الأخرى.
قال عمر بن الخطاب بسجن المرتد في خبر صحيح، وهو ما يعني أن الأمر ليس حدا في فهمه، أما التعزير فهو أمر اجتهادي ومصلحي.
الاستتابة تحت الضغط التي قال بها جمهور الفقهاء مجرد اجتهاد لا يدعمه نص. والواجب دعوة للمرتد -مثل غيره من الكفار- بالحكمة والموعظة الحسنة دون ضغط أو إكراه.
الردة نوعان: فكرية وعسكرية. الأولى لا عقوبة عليها في القانون الجنائي الإسلامي، والثانية تواجهها السلطة الشرعية العادلة بالوسائل العسكرية والسياسية وغيرها.
علة القتال على الردة العسكرية تفريق صف الجماعة، فهي عقوبة على الجريمة المصاحبة لتغيير الدين قديما، لا على تغيير الدين.
عقوبة الردة عن الدين الحق عقوبة أخروية عند الله تعالى، وهي أغلظ من أي عقوبة دنيوية يتخليها البشر، لكن لا عقوبة دنيوية على ذلك.
لفظ الردة في عهد النبوة كان يستخدم استخداما واسعا لا يقتصر على معناها الاعتقادي الذي شاع في كتب الفقه. ومن ذلك: "أما سلمة فقد ارتدّ عن هجرته"
قتال المرتد المحارِب لا يعني قتل المرتد المسالم، وهذا تمييز قديم عزاه ابن حزم إلى طائفة من أهل العلم.
قال ابن حزم: "لا يصح أصلا عن أبي بكر أنه ظفر بمرتد عن الإسلام غير ممتنع باستتابة فتاب فتركه، أو لم يتب فقتله، هذا ما لا يجدونه" (المحلى)..
القول بأن الإكراه محصور في الإكراه على دخول الدين ابتداء، وأن الإكراه على الرجوع إلى الدين غير داخل في النهي الوارد في الآية.. تكلف بارد، لادليل عليه.
المنافق المعلوم النفاق أفضل من المنافق المستتر وأقل ضررا وخطرا على الإسلام، فلا توسعوا مساحة النفاق في أمتنا بالإكراه في الدين أيها الأحبة المؤمنون.
الخلاصة: لا إكراه على الدين ابتداء ولا استمرارا ولا انتهاء، ولا عقوبة دنيوية للردة في الإسلام، فتمسكوا بمحكمات دينكم، ودعوا ُبنيًّات الطريق.
التعليقات