الواقع لا يرحم، سواءً أدركناه أم تجاهلناه ، درسناه أو حاولنا إنكاره. لا فرق بين شخص واعٍ مدركٍ لما يدور حوله، وآخر غارق في أوهامه، أو حتى شيء جامد وُضع في طريقه. الواقع لا يتوقف، لا ينتظر أحدًا، ومن يظن أنه يستطيع التملص منه يعيش في وهم زائل.

البعض يختبئ خلف المثالية، الفلسفة، الأحلام، وكل ما يمكن أن يخفف من وطأة الحقيقة. يهربون من المواجهة، يقنعون أنفسهم بأن هناك طريقًا آخر غير الاعتراف بصلابة الواقع، لكن مع مرور الوقت، ومع اقتراب قطاره، يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع الحقيقة التي لطالما تهربوا منها. عندها، يكون الأوان قد فات، وتنهار كل المبررات.

لكن، ماذا لو تقبلنا الواقع بدلًا من إنكاره؟ قد يكون قاسيًا، مؤلمًا، ورتيبًا، لكنه في النهاية الحقيقة الوحيدة التي نملكها. من يدرك قوانينه ويتعلم كيف يتعامل معه بذكاء، يستطيع المناورة بينه وبين الخيال، لا للهروب، بل للراحة المؤقتة والاستعداد لمواجهته من جديد. لأن الفرق بين الناجح والعاجز ليس فقط في الوعي بالواقع، بل في مدى الاستعداد لمواجهته حين يحين الوقت.

فهل تعتقدون أن الهروب من الواقع ضعف، أم أنه وسيلة ضرورية للنجاة؟ وهل يمكن للخيال أن يكون درعًا يحمي صاحبه، بدلًا من أن يكون مجرد مهرب؟