العقل السليم في الجسم السليم! 

هنالك تفسير عميق لهذه الفكرة.

العلاقة بين الجسم والعقل هي عبارة عن دورة مستمرة لا نهاية لها، إذا كانت الأفعال إيجابية فستكون الدورة كذلك، نفس الشيء إذا كانت الأفعال سلبية!

هنالك فكر شائع، يدعي بأنه يمكنك إما أن تكون ذكيا، أو إما أن تكون قويًا! 

لكن الحقيقة، هي أنه يمكنك أن تكون الاثنين معًا! 

#فما هي الصلة الفعلية التي توجد بين الجسم والعقل؟

العلاقة هي ثنائية الاتجاه، ينعكس فيها كل منهما على الآخر، فالفعل السليم ينعكس على الجسم، و الجسم السليم، يمنح العقل السليم و هذا العقل السليم يدفع الجسم للقيام بماهو افضل. 

لكن اذا كان الفعل فاسدا، يفسد العقل، و العقل الفاسد فهو لا يحث الجسم إلا على القيام بماهو أسوء. 

ما يعني أن، أساس هذه العلاقة هو الفعل الذي تقوم به.

لنأخذ مثلا التدريب البدني كونه فعلا إيجايبا، وكيف ينعكس هذا الفعل على القدرات العقلية؟ 

عند الأنخراط في جلسة تمرين، هذا ما يحدث مباشرة بعد الانتهاء...

يتم توصيل الأكسجين والمغذيات إلى الدماغ، مع تحفيز إنتاج الهرمونات و الناقلات العصبية، كالإندورفين، السيروتونين والدوبامين والتستوستيرون.

و التي هي بمثابة غذاء ذهبي للدماغ، الدوبامين الصحي الناتج عن التمرين يعمل على تزويد الدماغ بوظيفة إيجابية ويمنح أفكارًا سليمة، الإندورفين و السيروتونين يعملان على تحسين المزاج، و التخلص من التوتر،

بينما يعمل التستوستيرون على زيادة الدافع و رفع القدرات العقلية، مع تحسين المزاج أيضًا.

و كل ذلك يتسبب طرد أعراض القلق و التوتر نتيجة التخلص من الكورتيزول،ما يعود بفائدة عامة على الدماغ. 

هل هذا كل شيء؟

قطعا لا! 

النشاط البدني لا يعمل على تغذية وتنشيط الدماغ فحسب، بل يجعله ينمو كذلك. 

الأنشطة مثل الجري أو تدريب القوة، تحفز إطلاق عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، الذي يساعد على نمو وإصلاح خلايا المخ.

ما يمنح هذه المكافآت الثمينة:

يتم تحسين القدرات الإدراكية، كالتعلم والذاكرة، ما يعني تعزيز القدرة على تعلم أي شيء بشكل أسرع وأسهل، مع عدم نسيانه.

كما يتحسن التركيز و يزدهر التفكير الإبداعي.

صدق أو لا تصدق، كل هذا يحدث مباشرة بعد كل جلسة تمرين مُنجزة بشكل صحيح وفعال.

كل الألم و الجهد الذي يمر به الجسم أثناء التدريب، لا يعود إلا بالفائدة والإيجابية على العقل، قبل الجسد.

و دعونا لا ننسى التأثير الإضافي للطعام الصحي والنوم الجيد.

#ولكن! مالذي يحدث بالضبط عندما يكون العقل في مستوى جيد من الأداء والصحة؟

الإجابة بسيطة، هو يأمر الجسم بالقيام بعمل أفضل.

كيف ذلك؟ 

العقل هو مركز القيادة لدى الجسم. كل فعل، من أصغر لفتة إلى أكثر أداء بدني، ينشأ من الدماغ الحاكم. بالتالي عندما يعمل العقل في مستوى مثالي، فذلك ينعكس على تصرفات الجسم بطريقة سحرية،

بدءًا من تزويده بالتنسيق والدقة، 

ما يعني ضمان تحرك الجسم بانسيابية و تركيز.

يمكن أن يكون هذا في أي نشاط من انشطة الحياة، كالكتابة أو القيادة، كل حركة تصبح أكثر سلاسة وكفاءة في الإنجاز، نتيجة تحسين المسارات العصبية للدماغ.

و خاصة في مساعي كالفنون أو الرياضة أو في العمل.

إضافة إلى منح الإتقان الإبداعي والتقني، ما يفسر قدرة بعض الرياضيين أو الفنانين على القيام بحركات وأشياء مصممة بإستراتيجيات ذهنية، تبدو مستحيلة الأداء في منظور الشخص العادي.

كما يتم تحسين ردود الفعل ووقت رد الفعل،خاصة بالنسبة للرياضيين. 

حيث يصبح العقل قادرًا على معالجة المحفزات الخارجية مع إرسال إشارات سريعة إلى الجسم، ليقوم برد فعل سريع. 

مثل تفادي اللكمات في فنون الدفاع عن النفس، أو التقاط مجسم اثناء سقوطه.

وبما أن العقل هو المسؤول عن تكوين و إدارة العادات، فإن العقل السليم يؤدي إلى الانضباط و التميز المعتاد،

ما يعني ادارة سلوكيات ثابتة كالتمرين بانتظام، الانضباط في التغدية، وعدم التراخي عن المهام.

ويستمر هذا العقل السليم في تمكين الجسم من التفوق، بتحويل الأفعال العادية إلى إنجازات هادفة، لضمان دورة من النمو والتميز المستمر.

ومن الجدير بالذكر أن كل ما تم ذكره مدعوم بدراسات علمية.

كدراسة تدعى "نشاط المخيخ أثناء تنسيق اليد والعين"

توضح الدور الحاسم للمخيخ في تنسيق حركات العين واليد، لدعم المهارات الحركية.

اضافة لدراسة حول الإنعكاس الدهليزي البصري. 

التي تشرح كيفية تمكين ردود الفعل السريعة لدى الدماغ. 

ودراسة بعنوان: "مرونة الأعصاب وتعلم المهارات"

تناقش كيف تقوم مرونة الدماغ بدعم القدرة على التكيف والتفوق في التحديات البدنية.

#فكيف يمكن تحقيق القوة العقلية، من خلال العادات الصحية؟

جودة عاداتك تؤثر على جودة عقلك، إليك أفضل الطرق...

الأنشطة البدنية مثل الجري وتمارين الكارديو هي خيار مثالي، لديك تدريبات القوة، كرفع الأثقال و المقاومة.

حافظ على غذائك سليما، و ابتعد عن المخدرات، والأهم هو الابتعاد عن المواد الإباحية وتقليل الوقت ألعاب الفيديو.

لكن إذا أردت معرفة أفضل طريقة، فهذه هي...

الإستراتيجية النهائية التي تتمنحك القوة و الصلابة الذهنية، هي القيام بالمهمة حتى عند عدم الشعور بالرغبة في القيام بها، 

عندما لا تشعر بالرغبة في التدريب، لكن تقوم به على أي حال، عندما تشعر في الرغبة بالقيام بعمل ضار، لكن تجاهد نفسك لعدم القيام به، هذا ما يسمى بالإنضباط، وهو الطريقة المثلى لاكتساب الصلابة الذهنية.

إن طبيعة الحياة التي نعيشها في الوقت الحاضر، القائمة على إدمان وسائل التواصل الاجتماعي و الملهيات، لا تعود إلا بالضرر على الدماغ، وعندما يتضرر الدماغ، ينعكس هذا الضرر على الجسم، مشكلا دورة لا نهاية لها من التلف و السلبية. 

لهذا السبب أساسا، أردت إعداد هذا المقطع، من أجلك لتكون على دراية بهذا، و أن تعرف كيفية التعامل معه.

فما تفعله بجسدك اليوم يحدد مستوى عقلك غدًا، وما تصنعه بعقلك يرسم ملامح مستقبلك. 

ابدأ باتخاذ الخطوة الصحيحة الآن!

سواء كانت تمرينًا بسيطًا، أو قرارًا بالابتعاد عن العادات السلبية، المهم هو الإنضباط. و تذكّر دائمًا أن كل فعل إيجابي تقوم به يضعك على الطريق نحو التفوق والتميز. القرار بيدك، فاتخذ القرار الصحيح!

و السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته.