في العلاقة بين الرجل والمرأة، كثر من مدربي واستشاري العلاقات يشير إلى أن الاستقلال العاطفي واعتماد على طرف على نفسه عاطفيا يمثل مؤشر للنضج الشخصي، بحيث لا يثقل على الشريك بمسؤولية إسعاد الطرف الآخر بالكامل، لكن دائما ما أجد هذا الكلام يسبب جفاءً وتباعدا بين الأزواج، فتخيلوا اثنان متزوجان كل طرف يعتمد على نفسه في إسعادها، ودعمها عاطفيا، كل شخص لا يتأثر بمشاعر الطرف الآخر حتى لو كانت سلبية كأن يكون حزين أو متضايق مثلا، فما دور العلاقة هنا، إن لم تكن العلاقة بين الزوجين تكاملية فمتى تكون؟!
الاستقلال العاطفي يؤدي إلى حب أكثر أم تباعد بين الأزواج
الاستقلال العاطفي لا يعني العيش في عزلة عن الآخرين, وإنما المقصود به أن لا يربط المرء سعادته بما يقدمه له المحيطون به, لأن هذا سلوك الأطفال! فالأطفال وحدهم من سعادتهم مرتبطة بعطاء آبائهم ومن حولهم سواء المادي أو المعنوي...الطفل عندما يرسم على ورقة فإنه يسارع إليك ليريك رسمه قصد دعمه عاطفيا, هو ينتظر منك العطاء العاطفي! إن أخبرته أن رسمته بشعة سيصاب بالاحباط وربما لن يرسم مجددا لأنه سيقتنع فعلا أن رسمه بشع...ليس على البالغين أن تكون لهم نفسية الأطفال بالاعتماد عاطفيا على المحيطين بهم, وأحيانا إن تجاوز هذا الاعتماد الحد الطبيعي قد يشير لاضطراب نفسي أو بالشخصية, كاضطراب الشخصية الاعتمادية..
أتفهم مثالك عن الأطفال وبالتأكيد ليس منطقيا ان نكون كالأطفال بتعاملاتنا، لكن ألسنا كبشر بحاجة لأن يقول لنا ممتاز أي أن كانت الصيغة، ما المشكلة أن يكون هناك جزء من سعادتي مرتبط بمن حولي خاصة المقربين، بالتأكيد لا نصل للاعتمادية ولكن لا نكون بمنأى عن من أحبهم، فأحد مصادر السعادة بالحياة الأشخاص المحيطين بك، فمثلا لو لديك مشروع وتتعب للعمل به، ألن يكون للدعم العاطفي من المقربين لك دفعة لتشعر بأن ما تفعله مقدر نوعا ما
نحن جميعا بشر وأي كلام جيد أو سيء حتى من شخص لا نعرفه مار بالشارع قد يزعجنا أو يحفزنا, فبالأحرى مقربين من عائلة وأصدقاء.
الاستقلال العاطفي مفهوم لا يكرس للانعزالية والنرجسية والتقوقع على الذات, بل المقصود به أن يكون هناك نضح عاطفي بالقدر الذي لا نحمل الأشياء والأقوال أكثر مما تحتمل كما يفعل الأطفال, فمن الطبيعي أن يحزن المرء من انتقادات الأهل وعدم تلقي الدعم, أو يسعد ويتحفز بها, ولكن ليس من الطبيعي أن يربط الإنسان هويته ككل وقراراته ومصير سعادته من تعاسته حسب ما يقدمه الآخرون من دعم.
فمثلا لو لديك مشروع وتتعب للعمل به ألن يكون للدعم العاطفي من المقربين لك دفعة لتشعر بأن ما تفعله مقدر نوعا ما
بالتأكيد أي إنسان يحب ذلك! ولكن لنفترض أنهم لم يقدموا أي دعم عاطفي فشعر المرء بالاحباط وأغلق المشروع, فهنا نحن نتحدث عن شخص غير مستقل عاطفيا, قراراته ومشاعره تعتمد على كيفية تفاعل الآخرين, وليس حسب قناعاته الشخصية ورؤيته لمدى جدوى المشروع وتقييمه الذاتي لقدراته الشخصية.
التعليقات