حين اتمرن، حين آكل طعاماً صحياً، حين اصحو باكراً وانام باكراً، حين اصلي في المسجد، حين أقرا كتاباً، حين اذاكر درساً، حين اقوم بأي عمل مفيد.
يتنابني شعور سيء يجعلني أتمنى أن ينتهي هذا الأمر بسرعة لكي أعود إلى حياتي الطبيعية.
والتي تتلخص في:
طعام سريع ،نوم طويل ،إهمال في العبادة ،وفي كل شيء ،تصفح الهاتف طوال النهار ،سماع الأغاني وفيديوهات التفاهة على الانتر نت؛
وأخيراً: الكتابة.
الكتابة هي الشيء الوحيد المفيد الذي ادمن عليه.
والسؤال لماذا يراودني الألم والملل والتعب حين أقوم بأي بشيء مفيد ولا اشعر إلا بالراحة والمتعة حين أقوم بنا سيدمير حياتي ببطئ على المدى الطويل؟!
هذة المشكلة ليست فردية أشترك في هذا النمط المرعب من الحياة مع معظم أبناء جيلي والأجيال التي تليه.
فهل نكون جميعا شياطين في صورة بشر لا نرتاح إلا في مواطن الرزيلة والفتنة والشر؟
أم اننا عباد غضب الله عليهم فقيض لهم الشياطين تفتنهم وتصرفهم عن الحق؟!
فإن كان هذا الكلام حقا؟!
لماذا نشعر بهذا الألم؟!
لماذا نرفض في قرارة أنفسنا ما ترتاح إليه قلوبنا؟!
لما مازلنا نحاول أن نكون صالحين؟!
المتفق عليه بين الجميع أننا كلنا مذنبون.
لكن المسألة هنا كيف تعودنا على الذنوب؟
كيف ماتت في قلوبنا خشية الله؟
كيف قللنا من إحترامنا وحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ولما لا نشعر بعظم ما نقترف من خطايا وآثام؟
لماذا نقف فقط عند خط أعلم أنه خطأ لكن لا يمكنني التوقف؟
نتحجج جميعا بالبيئة والمجتمع والظروف والمشاكل والزمن
فهل تصلح هذة الجحح الواهية أمام الله تعالى يوم نعرض عليه فرادا؟
كل ما قلته الآن يذكرنا بذلك الألم
الذي يعتصر داخلنا كلما تذكرنا هذه الأسألة
الألم الذي يذكرنا بدوره بطول الطريق الذي علينا أن نمشيه للإصلاح من ذواتنا
أميال من العادات والعبادات والديون الكثيرة التي تراكمت علينا على مدار سنوات طويلة من لعبة القط والفأر التي يلاعبنا بها الشيطان
حيث يضع القط قطعة من الجبن خارج جحر الفأر بمسافة تسمح للفأر بأن يراها
فما إن يشتم الفأر رائحتها يهرول إليها حتى يخرج من باب جحره فيلاحظه القط ويخرج من مخبأه منقضا على الفأر فيلاحظ الفأر وجوده فيركض عائدا إلى جحره
ويبقى الفأر مختبأ حتى يؤلمه الجوع فيعاود الخروج من جحره ليعاود القط الهجوم عليه فيعود إلى جحره
وهكذا مراراً وتكراراً
وتبقي قطعة الجبن مكانها لا يلمسها أحد
لكن ما لا يعرفه الفأر
أن الرائحة التي يشمها والشكل الذي يراه ما هو إلا وهم كبير في عقله
فقطعة الجبن لعبة بلاستيكية رش عليها القط عطراً برائحة صناعية تشبه رائحة الجبنة
فصارت وكأنها جبنة طازجة لذيذة مهما مر عليها الزمان لا تفسد ولا تتغير
لكن الفأر لا يعلم ذلك وحتى إن علمه
فرائحتها الذكية وشكلها المثالي يعطي شعوراً باطنياً عميقاً في الخيال بأنها ألذ جبنة في الكون
فحتى لو قيل له بأنها مزيفة سيصدق بلسانه لكن قلبه سيظل خاضعاً لجمالها
وسيبقى يحاول الخروج مراراً وتكراراً من جحره كي يحظى بقضمة واحدة
وسيظل القط رابضاً خلف باب الجحر ينتظر تلك اللحظة التي ينظف فيها أسنانه بعظام ذلك الفأر السادچ المسكين
هذا ما يفعله بنا الشيطان
يرسم في خيالنا لذة الشهوة ويزينها
ويرسم لنا الطريق إليها خطوات متتابعه
وما إن نأخذ بضع خطوات نحوها حتى تبدأ أقدامنا في الإنزلاق في وحل الإثم والخطيئة وقبل أن تنغمس أقدامنا فيها كلياً
نتراجع حتى نعود إلى نقطة الصفر
ثم نعاود النظر إلى الشهوة حتى ننسى الوحل
فنخطوا وننزلق من جديد
وتبقى هذة الدائرة مغلقة علينا حتى لو علمنا أننا نجري وراء الحرام
فلا شيء يعادل تلك الراحة التي نشعر بها حينما نفكر في تلك اللحظة التي سنحتضن فيها تلك الشهوة وتتحقق فينا تلك الرغبة الجامحة التي لا حدود لها
نعلم أنها إثم لكن قلوبنا تعشق هذة الحالة الحالمة التي نعيشها في كل مرة نخطو فيها تجاه تلك الملذات
لدرجة جعلت الفنانين يجسدونها في ملايين الأعمال الفنية المختلفة
فهل سنظل طوال عمرنا نحلم بقضمة من قطعة جبن بلاستيكية؟
وهل سنسمح دائما للقط أن يعاملنا كالفئران؟
التعليقات