يوجد فارق كبير للغاية بين فِعل الشَئ "صَحّ" وبين فِعل الشَئ "الصَحّ". (مَقولة مَشهورة لبِيتر دراكر)
و"أنْ تفعل الشَئ الصَحّ خَطَأ لهو أفضل بكثير مِنْ فِعل الشّئ الخَطَأ صَحّ". ومِنها أتَي الفيلسوف الأمريكي الرائع رَاسِل إكُوف بِمقُولته الفَعّالة: "كلّمَا فَعَلت الشَئ الخَطَأ أكثر صحة، كلّمَا أصبَحَت أكثر خَطَئًا". وهل الحكمة إلا "وضع الأشياء فِي مَوضِعَها الصحيح"؟
The righter the do the "wrong" thing, the wronger you become
وبالمِثال يَتّضِح المقال، فيعطي إكوف عدّة أمثِلة حَوَل هذا المَعنى، مِنها:
أنّ نِظام الرِعاية والتأمِين الصِحّي بالبلد (وهو يتكلم عن أمريكا هنا) يقوم على العلاج من الأمراض، وليس على رعاية صحّة الإنسان نفسه، بمعنى أنّه يقوم حول "المرض" وكيفيّة علاجه ومِن ثَمّ فإنّ تنظيمه (اي هذا النِظام) وتطويره مَبنيٌّ عَلَى فِعل الشَئ الخَطأ وليس الصّحّ، بينما الصَحّ هنا هو "صِحّة الإنسان" ورعايتها ووقايتها من الأمراض أصلًا.
وكَذا فِي التّعليم: فـ"التّعليم" عندنا (خطئًا) مَبنيّ عَلَى "المُدرّس" ومِن ثَمّ التلقين ثُمّ الحِفظ والتسميع، فهو أساس خاطئ مهما حاولت تحسِينه أو تطوِيره. بينَما هُوَ (عَلَى الصَحِيح) ينبغي أنْ يكون مبنيًا على "الطالِب" المُتعلِّم ومِن ثَمّ فَهُوَ مَبنيٌ عَلَى التّفكِير والإستيِعاب والتَشكّك والسُؤال (!challenging everything) عن طريق التجربة والمُناقشة و"التدريس" للآخرين ومِن ثَمّ التوجيه والتصويب من المُدرّس ومِن هنا يأتي التَعلّم الصَحيح الرَاسِخ الذي يَبنِي العقلية القَويِمَة والتفكير السليم الناقد المُتعلّم المحترم للعلم والتخصّص.
ثُمّ ينبني على هذا ثقافة واسعة نتعامل بها ككبار في كُلّ المجالات العمل والتعلم والإنتاج والفكر وكَذا إلى آخره.
فمثلًا: "الإنسان أساسًا لا يتعلّم إلا من أخطائه." (إذ لا تتعلم في الحقيقة عندما تفعل الشيء بطريقة صحيحة سليمة من الأخطاء)
والشيء المثير للإهتمام هنا الجدير بالتأمّل حقا والاعتبار (إلى حد العَجَب والضِحك) هو أنّنا بقتلنا فُرصة الخَطأ (في التعليم من الصِغَر وماذا نفعل مع الطالب عند الخطأ من توبيخٍ وعقابٍ ورُبّما التسفيه والرَمي بالخَيَابة إلى آخره) نكون قد قَتلَنا فُرصة التَعلّم الحقيقيّ، فنري الصغار لمّا يكبروا وتشبّعوا وتربّوا وتعلّموا على هذا النحو يخافون من الخطأ ويتجنّبونه فِي كُلّ الأمور (فتجد أحدّهم في عمله يكون حريصًا على إتباع اللوائح والتعليمات (هي كِده وخلاص!) فلا يقرُب ويبتعد تلقائيا مِن أيّ فٌرص للتغيِير أو أبدًاع أو تطوير أو حتّى القناعة لمَا عليها الأمُور (يلّا نفّذ وخَلَاص مِن غير مُناقشة!) وياويله إذَا أخطَأ أو حَادَ أو فَكّرَ في الحِياد عن المسار الموضوع أو فكر فيه بشكل مختلف وهكذا)
(Russel Ackoff) .The righter the do the "wrong" thing, the wronger you become
And, "the wronger you do the right thing, the righter it — and you — become, just iff you learn from your mistakes." (Essam Ackoff)
والآن كيف تتعاملون إن وقعتم في خطأ ما؟ وكيف تتأكدون من أن ما تفعلون هو الصواب؟
التعليقات