مؤخرا، بدأت وصمة العار حول موضوع زيارة معالج نفسي تزول بعد زيادة ثقافة مجتمعتنا في ما يخص الصحة النفسية، ولكن المتعارف عليه هو أن فقط من يعاني من اضطرابات نفسية واضحة هو من يتوجب عليه اللجوء إلى الإرشاد نفسي. أما أنا، فلي رأي مغاير، وأي إنسان مهما بدا أنه بخير، يجب أن يزور معالجا نفسيا بين الحين والآخر. 

فاللاوعي الإنساني عالم آخر يصعب الولوج إليه دون مساعدة مختص نفسي، وهناك تكمن جميع جذور مشاكلنا. فالكثير منكم يظن أنه لا يعاني من أي مشكلة، وأنه حتى عاداته السيئة أو الأفكار السلبية التي تراوده، هي فقط بحكم شخصيته. وقد نظن أيضا أن طفولتنا جيدة وأننا قد تخطينا أي فقدان أو خسارة عانينا منه. أما الحقيقة فهي شيئ آخر، كم يتيبن في الكثير من الأحيان، أن سبب مشكلة نفسية حادة هي ذكرى معينة مدفونة في اللاوعي لم يتمكن صاحبها من استرجاعها دون مساعدة من المختص.

فحتى وإن لم نعاني من أزمات نفسية حادة، قد يساعدنا المعالج على التخلص من أفكار مدفونة قد تضعف ثقتنا بأنفسنا أو تسبب لنا مخاوف غير مبررة فتعيق تقدمنا في الحياة. 

وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن ندرك الارتباط الوثيق بين صحتنا النفسية وأمراضنا الجسدية. فنمط حياتنا ضاغط وأصبح التوتر اليومي حالة طبيعية تأقلمنا منها. ففي عالم اليوم، نشعر بضغط هائل لنتماشى مع توقعات المجتمع منا سواء على مستوى تقدمنا المهني، علاقتنا، شكلنا، والكثير من النواحي. وفي هذا الصدد، زيارة معالج نفسي والبوح له بما لا نبوح به عادة خوفا على صورتنا أمام الناس قد يخفف عنا الكثير وبهذا نتجنب أضرار الكرب أو الضغط النفسي على صحتنا والتي غالبا ما تؤثر على الجهاز الهضمي التي باتت مشاكله شائعة جدا. وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى أن البوح لصديق لا يمكن أن يضاهي فائدة البوح لمعالج مختص. فالمعالج مدرب على قراءة ما بين السطور ليفهمنا بشكل أكبر ويقدم لنا النصيحة الصحيحة كما أنه يعرف كيف يجعلنا نبوح بما لا نستطيع البوح به.

فباختصار، أعتبر أن الخضوع لعلاج نفسي ضروري لنتخلص مما يثقل كاهلنا دون أن نعي سببه ولنفهم ذواتنا بشكل أكبر كي نتقدم على نحو أفضل في حياتنا. ماذا عنكم؟ هل فكرتم يوما، أو قمتم فعلا، بزيارة معالج مع أنكم لا تعانون من عوارض أي مشكلة نفسية؟ وهل منكم من يعتقد أنه يستطيع فهم ذاته دون مساعدة؟