لو إنك سألتني عن عنوان كتاب وحيد ألهمني، ستكون إجابتي بلا تفكير هي رواية «Jonathan Livingston Seagull» لمؤلفها Richard Bach.
فهذه الرواية شحنت بداخلي بطاريات الأمل، وألهمتني سحرًا نورانيًّا، في أكثر الأوقات حلكة وضبابية مرّت بي، وستظل مُلهمة لي طيلة حياتي.
كنت في حالة من اليأس المطلق بأن العالم بأسره، فقد كان قاسيًا ومتشددًا وضيق الأفق، هُنا ظهرت تلك الرواية لتساعدني على إعادة تقييم الأشياء من حولي.
رابط الفيلم على موقع موسوعة الأفلام IMDB:
الرواية صدرت لأول مرة في عام 1970، وتصدرت قوائم الأكثر مبيعًا، وتم تحويلها إلى فيلم عام 1973، ثم أضاف الكاتب جزء رابع لها عام 2013، مع رسالة له للقارئ يسرد فيها تفاصيل عمله على أتمام الرواية.
وصدرت الطبعة الكاملة من الرواية بأجزائها الأربعة والملحق الأخير للمؤلف عن دار الكرمة المصرية بترجمة محمد عبد النبي تحت عنوان «النورس جوناثان ليفنجستون».
ومع إني دائمًا ما أتحسس عند سماع عبارة «الأكثر مبيعًا» فإن حجم الرواية الصغير (100 صفحة قطع متوسط) شجعني على قراءتها، فضلًا عن توصية بها من قارئ صديق أثق في اختياراته، لاكتشف إنها تستحق فعلًا أن تكون ضمن هذا التصنيف عن جدارة.
فالرواية تدور حول قيمة «المُثابرة» والتمسك بمبدأ «الحرية» والبحث عن الذات، وإمكانية الوصول إلى الأفق واستعادة سحر الحياة من خلالها؛ عبر التمرد والتحرر من سياسة القطيع، والخروج عن السرب. أو لنقل باختصارًا: «كيف تكون أنت، لا الآخرين».
وإليك رابط مراجعة للرواية قناة الروائي:
وقد كتب المؤلف إهداء لطيف في مستهل الرواية لكل من ضاق بالحدود المفروضه عليه، وأراد الخروج وراء حلمه، فأصبح منبوذًا.
وكتب نبذة تعريفية مختصرة على الغلاف الخلفي يقول فيه:
«هذه حكاية الذين يتبعون قلوبهم، ويصنعون قوانينهم الخاصة؛ الذين يستمتعون بعمل الأشياء بدقة وأمانة، حتى لو كانت لأنفسهم فقط؛ الذين يعرفون أن في هذه الحياة ما هو أغلى مما تراه أعيننا، هؤلاء يطيرون مع (جوناثان) أعلى وأسرع وأبعد مما كانوا يحلمون.»
فنجد نورس البحر «جوناثان» الذي يمل تفاصيل حياته مع عشيرته، وطبيعته التكوينية والتي تحكم عليه الطيران المنخفض بالقرب من المياه، ليس لغرض آخر سوى الحصول على الطعام.
فيقرر التمرد على العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية، وتدريب نفسه على تقنيات الطيران المرتفع بصورة جريئة أكثر، فيتعرض لسيل من التهكم والأحاديث المحبطة من المحيطين به، ويتطور الأمر مع تمسكه بالخروج عن المألوف، فيقوم شيوخ العشيرة بطرده منها، فيصبح منبوذًا بين أهله.
بدلا من أن يكون حزينًا أو وحيدًا، ويقضي وقته في النحيب، يذهب «جوناثان» في بحث عن الروح، ويتعلم كيف يطير بشكل أفضل من أي طيور أخرى.
فإنه يقرر التمتع واستكشاف حريته المكتسبة حديثًا، ويتغلَّب على حدود طبيعته، فينجح في تعلم الطيران لمسافات مرتفعة ويصل إلى أعلى المراتب في هذا العلم، مكتشفًا سر الحياة، ولذة الحرية.
لكنه يرفض أن يحتكر تلك المتعة لنفسه دون تمرير التجربة لأترابه، فيعود مرة أخرى لعشيرته، محدثًا ثورة فكرية بين الجيل الجديد من النوارس، وتدريجيًا، تنضم إليه طيور النورس الأخرى.
فيعلمنا أن نكون طيبين ومحبين ومتسامحين، بعدما أصبح في مرحلة لاحقة من حياته مدربًا لطيور النورس، الذين يريدون أن ينجحوا من خلال كونهم في أفضل حالاتهم الإبداعية حيث يتعلق الأمر بالطيران.
وأنا لا أمزح عندما أقول إنني شعرت أن النورس «جوناثان» كان صديقي المُخلص الذي يؤكد لي أن السعي وراء الحلم لم يكن عبثًا، وأن شعوري الداخلي بالأشياء لم يكن خارج القاعدة.
وعليه، أوصي بشدة بهذه الرواية لكل من يحب قراءة الأدب الجيد وذات المغزى، وكذلك لأولئك الذين يحبون الطيور.. والآن، هل من بينكم من قدر له قراءة الرواية؟ وهل تجدونها مثلي مُلهمة ومحفزة؟ في انتظار أرائكم ومشاركتكم...
التعليقات