حسنا، سأخبركم القصة من البداية، منذ بضع سنوات أصبحت مدمنا على الكتب، لا أعلم كيف حصل ذلك فقد كنت اقرأ الكتب قبل ذلك بكثير، و لكن ليس بنفس الوتيرة ، و ككل البدايات كانت بدايتي ساذجة حيث كنت أقرأ أي شيء يقع بين يدي، خاصة الكتب الإنجليزية، اشتريت كتبا مستعملة ، إستعرت كتبا من أصدقاء و من مكتبة الجامعة، حملتها، زرت المكتبات في كل مكان أذهب إليه. و بمرور الوقت بدأت أشكل فكرة، ليس عن القراءة فقط -و بالمناسبة أصبحت أختار الكتب التي اقرؤها بعناية- بل و عن المكتبات و دور النشر و واقع القراءة في بلدي الجزائر ككُل. كان و لازال الوضع مزريا، المنطقة التي أسكن فيها توجد بها ثلاث مكتبات (ولاية يسكنها أكثر من مليون نسمة) و ليس هذا فقط، و لكن تلك المكتبات فقيرة بكل ما للكلمة من معنى فكري، لا كتب جديدة و لا كتب مترجمة و لا روايات عربية ...
ضننت أن الوضع كارثي فقط لأني أقطن بولاية داخلية و لكن عندما إنتقلت للدراسة قرب العاصمة جعلت جزءا من برنامجي زيارة كل -و أعني كل- مكتبة هناك. و كانت خيبة الامل هنا، لا حياة لمن تنادي. بمرور الوقت و بعد كل مكتبة أزورها يتسرب منّي أمل كبير بمستقبل القراءة. كان عدد المكتبات معتبرا (لكن سيئا بالنسبة لعاصمة بلد) و لكن يمكن إختصار العناوين فيما يلي: روايات أحلام مستغانمي، كتب المنفلوطي (سيئة الطباعة) ، روايات أغاثا كريستي، بعض من روايات باولو كويلو، كتب المرحوم إبراهيم الفقي و بعض الكتب الدينية الأخرى. حيث أنّي إعتبرته إنجازا عندما و جدت كتب باولو كويلو بالإنجليزية. و لأكون صريحا أنا اتكلم فقط عن اللغة الإنجليزية و العربية، حيث أنه و بمفارقة عجيبة يوجد عدد كبير من الروايات المترجمة للّغة الفرنسية، و هذا ما حيّرني بحق، فاللغة الرسمية هي العربية، و نحن بلد عربي مسلم، واللغة الأكثر إنتشارا في العالم هي الإنجليزية و حتى من حيث و ضع الطباعة العالمي فإن الولايات المتحدّة تنتج كتبا أكثر من البلدان العشرة التي تليها مجتمعة، لذا و من الطبيعي أن يضن الإنسان العاقل أن يستورد بلد ما كتبا باللغة الأصلية كبداية حتى بدون ترجمة للّغة المحلية. و لكن الجزائر (بعد إستقلالها ب 50 سنة) لا زالت تستورد كتبا مترجمة للفرنسية بشكل حصري ليبقى عامة الشعب الرافض لهذه اللغة في ظلام دامس.
بعد هذه التجربة المؤلمة إعتزلت المكتبات لمدة سنة و بدأت بقراءة الكتب الرقمية. حتى أنه حصل في يوم ما أن قررت أن أشتري كتابا من موقع أمازون، و فعلا و بعد مرور شهرين و صلني الكتاب، و حتى بعد مرور هذا الوقت من طلب الكتاب و السعر المرتفع أحسست أن عالمي تغير، لست محصورا و لا مقيدا بما تعرضه عليّ مكتباتنا المثيرة للشفقة. أصبحت مواطنا عالميا..
بعد مرور بعض الوقت عجزت عن شراء المزيد من الكتب بسبب الوضع المزري للدفع الإلكتروني (قصة لوقت آخر) و لكن بعد بعض النشاط على الشبكات الإجتماعية و جدت أن كل القراء في الوضع نفسه، في هذا الوقت بدأت بعرض شراء كتب على الإنترنيت لمن يريد هذه الخدمة و لقيت بعض الإستجابة و لكن المشروع بدأ يُظهِر علامات الفشل للاسباب التالية. عدم تمكنّي من الوصول لمن يريد هذه الخدمة/عدم تمكني من شحن الكتب إلى الزبائن البعيدين/تأخر و صول الكتب كثيرا حتى لمدة تصل إلى ثلاث أشهر/ غلاء سعر الكتب و هو العامل الرئيسي و ذلك بسبب غلاء الشحن ليفوق سعر الكتاب نفسه.
و في هذا الوقت بدأت أفكر ببدائل، و خطرت لي فكرة فتح مكتبة. فما هو أفضل من فتح مكتبة في بلاد اللّامكتبات. و لكن فشلت في الحصول على المعلومات الكافية، و لذا أنا أطلب المساعدة و النصح في المجتمع هنا، و أنا أعلم انه يمكن الحصول على مثل هذه المعلومات على النت و لكنها لن تكون مرتبطة بحال القراءة و السوق و الإستيراد في بلد مثل الجزائر. لا أعلم ما هو الوضع في باقي البلاد العربية و لكن إذا امكن: كيف يمكن إستيراد كتب بالجملة و ماذا ستحتاج لذلك و كيف يمكن توزيعها و غير ذلك . و هل تضن أن مثل هذا المشروع سينجح إذا كرست وقتي له مع العلم أن وضعي المالي محدود جدّا و أريد إقتراض المال لبدأ المشروع.
التعليقات