ضباب كثيف يرتسمك، مجرد من المشاعر نحوي، في ممر متلاشٍ تتساقط أعمدته من جراء الرياح، تتصلب أقدامي مع كل خطوة نحوك و انت تركض لتبتعد، تكاد تتلاشى لكنك تستمر، كمن يتعمد استفزازي.

دخلتُ قاعتك، قاعة العرض خاصتك، كل لوحة تمثل جزء منك، أحاول ترتيبها لكن مهما فعلت لا تكتمل. ألواحك مجردة، خالية و فارغة، يقال أن كل لوحة تحمل قصة بين أسطرها مشاعر لكن لمسة لوحتك كالجليد ، بفصيح اللغة تخبرني: "حتى لو كونت المشاعر يستحيل أن تكون لك."

قاعة مظلمة، ألواح سوداء أم الظلمة من لطختها هكذا. لم يعتد متحفك أن يهجر لكن وقع أقدامي فيه، أخلاه.

كم سنة مرت على وجودي فيه! انتهى عهده منذ بدايتي. بداية زوالي.

كبلتني جذورك الميتة فيه مخافة الهجران الكامل، أم كبلت نفسي فيك خوفا من هجرانك لي.

وقع الحقيقة صاخب و مؤذي يسيل الدم من أذناي، إن عمى رغبتي في امتلاكك من تُظهر متحفك مهجورا، لكن الحقيقة أني المهجورة داخل متحفك، فعدتُ طيفا لم يعد يراني أحد غيرك. أتشبث بك. أطلب الحياة في كل حين.

مغادرتي لا تعني حريتي بل دماري النهائي، أ تود رؤية دماري؟ أ تبتغي إنتهائي لأجل حريتك و عودة الحياة لمتحفك؟ أتخشى أن أجرك معي حيت اللاوجود ؟ حيت الضباب لا ينقضي؟ حيت ستصبح طيفا مثلي لن يراك غيري؟

أوليس ذلك نعيما؟ ألا يرانا أحد غير بعضنا لبعض؟ أو ربما نعيمي وحدي فأنا الذي أهلك في أمنياتي المستحالة.

متحفا يخلو من أي نفس غيري أنا و أنت. لوحة واحدة تجمعنا، أنت كثمثال متجمد تجادل للفرار و أنا كشيطان أناني أحاصرك بأجدالي من كل صوب.

تذوقت لذة الحياة من الخيال فكيف سيكون إن أضحى واقعا؟ لكنك جبان تخشى تحقيق لهفتي و أنا نرجسية لا أفكر في غير منفعتي.

فأُغلقت الابواب على جسدي حبيسا لوحده ورضخني الواقع بكون متحفك صنيع يدي و أنت خارج الابواب بالحياة تنتعم على ثمن جثماني تلتفظ أنفاسك بهوادة الايام المصنوعة من تراب قبري.

متحفك مقبرتي.