كتاب لفترة مجهولة من تاريخ الجزيرة العربية وانعكاس الدول الباطنية القديمة

هل يصح انتساب من يسمون الشيعة  "البحارنة" لقبيلة عبد قيس العربية؟.

وهل يصح زعمهم انهم السكان الأصليين في البحرين والمنطقة الشرقية؟.

سلف تفصيل أدلة اصول الملقبين بالبحارنة في مملكة البحرين والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وبعض من هاجر منهما الى باقيدول الخليج وايران والعراق ويطلق عليهم نفس اللقب "البحارنة" ، وتم اثبات كون اصولهم كخليط من اوروبيين برتغال واتراك وفرس وهنود وزنوجوقليل منهم من العوائل العربية ذات الأصول السنية الذين تشيّعوا في حقبة ما قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث كان غالبية أهل السنةفي تلك الحقبة متصوفة قبوريين لا يعرف لمذهبهم معالم واضحة تميزهم عن الشيعة فكان شيوخ الصوفية يشتغلون بالسحر والطقوس الغريبةكما الشيعة وهمهم كسب المال من تضليل الناس وعوام أهل السنة منغمسين كما الشيعة في الضلال والبدع والشركيات باختلاف انواعها، وانتقالهذه العوائل العربية السنية الى مذهب الشيعة الاثناعشرية لا يمثّل تحولاً كبيراً كما لو حدث اليوم بل لو وضع ذاك التحول في ميزان المفاضلةالعقلية وقتها لكان مذهب الشيعة الاثناعشرية الشركي الذي يتقرب أتباعه لاسماء معبوداتهم من قرابة الرسول ﷺ أفضل من التقرب الى المدافعوالاشجار وبعض قبور شيوخ الصوفية ودورهم ومقاماتهم وملابسهم وآنيتهم. 

في خضم هذا الجو تشيّعت بعض العوائل بحكم مساكنة أغلبية شيعية في المنطقة الشرقية والبحرين وما لبث أن أطلق خطأً على جميع الشيعةومن ضمنهم الأقلية العربية لقب "البحارنة" وهو لقب أطلقه أهل الجزيرة العربية على الأجانب غير معروفي الأصل ومجهولي النسب والذين لايرجع نسبهم لأي قبيلة عربية من قبائل الجزيرة العربية الموزعة على خارطتها والتي يعرفها عرب الجزيرة كما يعرف الرجل راحة يده.

وحين تكاثرت هذه الفئة للاسباب التي ذكرت تفاصيلها سابقاً بشكل ملفت للنظر ظهر مصطلح جديد لشريحة سكانية عريضة شكلت جسمديموغرافي غريب وجديد اطلق عليه أهل الأرض العرب مصطلح "البحارنة" كنوع من الحماية المجتمعية من الاختلاط بهذه الفئة الجديدةوليميزوهم عن العرب الأصليين من سكان جزيرة العرب من آلاف السنين.

قد يستغرب القارئ العربي من خارج الجزيرة العربية والخليج ومن غير العرب من حرص عرب الجزيرة العربية على وسم هذه الفئة بلقب يميزهاعن باقي السكان في الجزيرة العربية -ولا يلامون - وهذا ما اثار استغراب حتى الانجليز الذين استعمروا المنطقة ايضاً، إذ بعث السير  لورمر الىلندن برقية ذُكرت في كتاب دليل الخليج، نصها حرفياً: (ويجب الحذر من الاعتقاد بأن البحارنة معناها أهالي البحرين، على العكس، فان ساكنالبحرين السني يتبرأ من اسم “بحراني” ويصف الطبقة التي ينتمي إليها هو نفسه “بأهل البحرين” ،كما يُستخدم على طول الساحل الغربيللخليج العربي اصطلاح “بحراني” عملياً كمرادف للمسلم الشيعي الذي تكون لغته الأصلية هي العربية).أهـ 

وهذه البرقية تدل بوضوح على استغراب الانجليز من اطلاق عرب الجزيرة على الوافدين المتكلمين بالعربية او المستعربين لقب "بحارنة" في حينأن العرب الذين اطلقوا هذا اللقب على هذه الفئة يتبرأون من أن يطلق هذا اللقب على انفسهم رغم انهم "أهل البحرين الأصليين" ويفضلون أنيطلق عليهم "أهل البحرين" وليس "بحراني"، لأنهم هم الذين اطلقوا هذا اللقب على البحارنة كنوع من الاستهجان المبطن الذي يحمل لفظاً عادياًمقبولاً للتداول العلني، ولنفس السبب وهو أنفة ورفض مصطلح "بحراني" من قِبل عرب الجزيرة العربية، تم ادراج كلمة (بحريني) وليس(بحراني) في جواز السفر البحريني في خانة الجنسية رغم أن كلا اللقبين يصلح لغوياً أن يكون اسم نسبة لبلد البحرين بحسب المعاجم اللغوية. 

فالتعريف الضمني والتصور الذهني حين تُنطق كلمة "بحراني" أمام عرب الجزيرة العربية هو: الشخض الوافد من مكان غير معروف بدقة وغيرمعروف القبيلة والنسب والذي ينتمي لأصول غير عربية ولكنه استعرب ويتكلم العربية ولا يعرف غيرها ومذهبه شيعي اثناعشري.

ولا يلام الانجليز وغيرهم من سلوك عرب الجزيرة العربية تجاه "البحارنة" لانهم لا يعرفون الذوق والحس العربي القبلي القوي جداً في هذهالمنطقة من بلاد العرب، ولكنه مفهوم لنا كعرب الجزيرة العربية الواعين لذوقها وحسها اللغوي والثقافي ومدى حرصنا الشديد على الحفاظ علىانسابنا وانتماءاتنا القبلية الذي يترتب عليه أمور خطيرة وجسيمة في حياتنا الاجتماعية، ولكنه يشكّل لبس قد يُشكل على من لا يعرف هذا الذوقوالحس، اذ يتم التساؤل؛ كيف يُطلق على هذه الفئة لقب "البحارنة" وهم أجانب عن البحرين؟ وكما يقال اذا عرف السبب بطل العجب، وسبب ذلكأن عرب الجزيرة السكان الأصليين للجزيرة العربية والمسماة باسمهم لا ينتسبون الا لقبائلهم وبطونها وافخاذها ولا ينتسبون لمكان سكناهم واذاحصل فلا يكون الا بعد الانتساب للقبيلة، فيقال؛ التميمي الدمشقي  .. النميري الحراني .. الخ . واذا انتسب احدٌ عندهم لمكان سكناه فقط فهو غيرمعروف القبيلة والأصل وهذه سبةٌ عند عرب الجزيرة لا يتكلمون فيها إلا همساً ولكنهم يرتبون عليها أخطر وأهم الآثار من النسب والزواجوالتحالف والولاء وغيره من الأمور الخطيرة وكبيرة الشأن في مجتمعهم المحافظ. 

يتشبث "البحارنة" بهذا اللقب كدليل على أصالتهم  في اقليم البحرين وعروبتهم. والواقع والحقيقة أن لقب "البحارنة" ليس دليلاً على ذلك ولايرقى الى مرتبة القرينة بل هو دليل على عكس ذلك تماماً. فلا احد من قبائل الجزيرة العربية في البحرين الحالية أو القديمة التاريخية من  يطلقعليه لقب بحراني او بحريني انما يطلق عليه اسم قبيلته، ولا ينتسب شيعة البحرين والمنطقة الشرقية لقبائل لا في موروثهم الثقافي ولا فياوراقهم الرسمية فـ "البحارنة" هو مؤدى وسبب تسميتهم بهذا الاسم ولتلك الاسباب المذكورة سالفاً، وهو لتمييزهم عن العرب في جزيرة العربالذين ينتسبون لقبائلهم، ولو صح أن "البحارنة" هم السكان الأصليين في البحرين فإذن ماهو موطن عرب القبائل المتواجدون في البحرين منذالأزل ؟ أعلم ان مناقشة هذا شئ مضحك في الحقيقة ولكن وجب نقاشه هنا بسبب انطلاء بعض التخرصات من هنا وهناك بأن من يسمون"البحارنة" هم السكان الأصليون وعرب الجزيرة هم الأجانب. وهذا من مضحكات الدهر الذي لم يتصور أحد في يوم من الأيام أنه سيقال ويكتبوتسوّد به صفحات عدة من الكتب وتملأ به منتديات الانترنت وموسوعات الشبكات خصوصا موسوعة ويكيبيديا وويكي شيعة. 

حين تأسست الدولة الحديثة في السعودية والبحرين والخليج عموماً وصار لزاماً على كل من سُجّلوا كمواطنين في هذه الدول اصدار الوثائقالثبوتية كشهادة الجنسية وبطاقة الاحوال المدنية وجوازات السفر وشهادات الميلاد وغيرها لم يسجل اي شيعي لقبه او لقب قبيلته او احد افخاذقبيلة عبد قيس التي يدعون اليوم انهم ينتسبون اليها في أوراق اثبات الشخصية، بعكس أهل السنة الذين ينتمون حقيقةً الى هذه القبيلةالعريقة وقد ذكر بن كثير وغيره من المؤرخين عن استيطان عبد قيس في بلاد هجر والبحرين(التاريخية) في الجاهلية وصدر الاسلام، ومنهم بنيوائل التي منها الأسرة المالكة في البحرين والكويت ومنها ايضاً عنزة وهي قبيلة مليونية في السعودية والخليج ومنهم الاسرة المالكة فيالسعودية، وغيرهم كثير من بطون عبد قيس ربيعة ولا احد منهم يعترف بصلة قرابة وبينه وبين الشيعة او من يدعون "البحارنة" لا من قريب ولا منبعيد. 

وكل اوراقهم واثباتات شخصياتهم باسماء اشخاص ليس فيها اسماء قبائل او بطون قبائل ولا تتجاوز اسماءهم الجد الثالث في المتوسط حيناصدار الجوازات لأول مرة في تلك الدول  حين تأسيس الدولة المدنية الحديثة، الا من كان منهم ينتمي لأصول عربية وهم لا يمثلون ١٪؜ ممن يدعوناليوم باسم "البحارنة". وسعت حكومة المملكة العربية السعودية بتعديل اوضاع اسماءهم كمحاولة لتلطيف اسماءهم المبهمة في الاوراق الثبوتيةعلى ذوق ومسامع الذوق العام العربي القبلي فعمدت لوضع (أل) التعريف أول كلمة (آل) لآخر إسم في جواز السفر كنوع من تلطيف الاسم (الاقرع) كما يسميه عرب القبائل وهو الاسم الذي لا ينتهي باسم قبيلة او فخذ. و(بني قريع) لقب يطلقه عرب القبائل على "البحارنة" ايضاً لخلو اسمائهممن ألقاب واسماء قبائل، فالاسم الذي ليس فيه اسم قبيلة يسمى اسم (اقرع) وجمعهم (بني قريع) وهو اسم تهكمي جارح لشيعة البحرين والمنطقةالشرقية.

لماذا اختار  "البحارنة" لصق نسبهم بقبيلة عبد قيس ربيعة بالذات دون غيرها؟     

وجد شيعة البحرين والمنطقة الشرقية في التاريخ أن قبيلة عبد قيس وقفت في صف علي بن ابي طالب في حربه ضد معاوية رضي الله عنهما،وبما أنهم اليوم يقطنون هذه المنطقة نسبوا انفسهم الى هذه القبيلة هكذا بدون أي دليل إلا وجودهم الجغرافي في هذه المكان من جزيرة العربوكونهم شيعة، فهم إذن احفاد تلك القبيلة! 

وحين يوضع هذا الزعم على ميزان  علمي رصين لا يثبت به شئ بتاتاً للاسباب التالية:

أولاً: أن علي بن ابي طالب رضي الله عنه لم يكن زعيماً رافضياً بل هو من الخلفاء الراشدين ولم يكن انصاره من عبد قيس وقتها رافضة كما هي حال"البحارنة" اليوم. وعبد قيس الذين وقفوا مع علي ثم مع ابنه الحسن بايعوا معاوية ورجعت جماعة المسلمين حين اتفق الحسن ومعاوية علىتسليم الحكم لمعاوية وسمي ذلك العام بعام الجماعة ورجوع كل قبائل العرب للوحدة وتركوا الشقاق والفتنة وتوجهوا للفتوحات من جديدوتوسعت الدولة في عهد معاوية بسبب الصلح والتئام الجيوش وصار بنو عبد قيس وغيرهم طلائع الفتح الاسلامي في مشارق الارض ومغاربهاولم يُعلم على مر التاريخ  أن عبد قيس ربيعة تشيّعت بالمعنى السياسي فضلاً عن المعنى العقدي للتشيع وهو اليوم العقيدة الرافضية الباطنيةالخالصة والغلو الذي يأنفه العرب بطبيعتهم لوضوحهم وصعوبة التلوّن على شمائلهم والتشيع اليوم اصبح ديناً مستقلاً ضاعت منه كل ملامحالاسلام، ولم يُعلم ان عبد قيس انضووا تحت لواء خارجي شيعي او رافضي على حكام بني أمية بعد معاوية ولا حتى فتنة خروج الحسين وكلجيوش الفتن التي قام بها العلويين ضد حكم بني أمية وبني العباس كفتنة زيد بن علي والحسن المحض وغيرهم وفتنة القرامطة في المنطقة التيأحلت المحرمات وزنا المحارم لا يمكن أن يقبل به عربي حتى لو كان مشركاً بل روي أن مسميات القبائل كقبيلة مطير وغيرها تشكلت من القبائلالعربية التي هربت وتكتلت تحت مسميات جديدة تضم قبائل عدة اذ ان مطير اسم حلف تأسس بجانب عين (ام طير)  لحماية مجتمعاتهم من خناالقرامطة الذين انظم اليهم كل شذاذ الآفاق من العراق وكفرة الترك والفرس واللور والديلم والهياطلة وغيرهم من الاعراق الموتورة على الاسلاموالمسلمين وكان اكابر جنود القرامطة من الموالي وبالأخص موالي الكوفة الذين تحالفوا بالولاء الاسمي لقبائل عربية نفذوا منها للفتن والتخريبالداخلي ولم ينتصر بهم أحدٌ من العلويين وكانوا بلاءً ووصمة عارٍ على ما يدعى اليوم بالتشيّع الذي حاول عرب الجزيرة حماية انفسهم منه حتىثقافياً واجتماعاً علاوة على الحماية العسكرية بالتحالافات وبإطلاق لقب "البحارنة " عليهم كنوع قوي من هذه الحماية المجتمعية والثقافية.

ثانياً: لو صحت نسبة أي مجموعة بشرية سكنت في أرض نفسها الى قبيلة سكنت في نفس الأرض لصحت نسبة كل من يسكن تلك البقعة الىنفس السكان الأصليين التاريخيين.

من امثلة ذلك: 

١- المواطنون البيض ذووا الأصول الأوروبية في امريكا الشمالية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا هل يصح نسبتهم لقبائل الهنود الحمرلانهم سكنوا لمئات السنين في نفس المكان الذي سكن فيه الهنود الحمر؟ 

٢-البيض من الأصول الاسبانية من مواطني البرازيل والارجنتين والبيرو والمكسيك وغيرها في امريكا الوسطى والجنوبية هل يجوز نسبتهملقبائل الإنكا والمايا لانهم سكنوا في ارضهم؟ 

٣- المواطنون البيض الأوربيون في استراليا هل يجوز نسبتهم لقبائل (الابورجيين) وهم السكان الاصليين من زنوج استراليا لان البيض سكنوا معتلك القبائل على نفس البقعة الجغرافية؟

والأمثلة على ذلك لا تحصى. فلا يجوز نسبة اي مجموعة بشرية نسبةً قبلية أو عرقية لانها اجتمعت معها في نفس البقعة الجغرافية من الأرضنتيجة هجرة تم فيها تبادل المواقع او تراكم سكان جدد نتيجة هجرة بطيئة او سريعة تاريخية، فلا يقول بهذا أحدٌ عنده ادنى قواعد التحقيقالعلمي.

فمن يدعون"البحارنة" كما اسلفنا مطوّلاً خلال الكتاب لا يعرف لهم أصل عربي الا القليل جداً منهم وغالبيتهم الساحقة من فلول جيوش برتغاليةوفارسية وتركية وبريطانية من الهنود والزنوج المجندين من كل بقاع الأرض التي استعمرتها بريطانيا العظمى التاريخية تُركوا بعيداً عن أماكنقدومهم حين انتهى الغرض من تجنيدهم إما بالهزيمة كما حدث للبرتغاليين والفرس والعثمانيين او بالاستقلال والصلح كما حصل في حالةبريطانيا وذابوا في المنطقة وتكتلوا بصفة وملامح مغايرة للسكان الأصليين وأهل الأرض العرب. 

من (كتاب الأصول الأجنبية لشيعة البحرين والمنطقة الشرقية) تأليف الدكتور عبد العزيز العتيبي.