تتميز العلاقات بشكل عام أنها حاجة مؤكدة لإستمرار العيش الهنيء، وعلى وجه الخصوص فإن علاقات البشر ببعضهم أمر مهم لإستمرار عطائهم وإنتاجهم، ولكن على ما يبدو أنّ هذا ما كانت عليه الأمور قديمًا، فاليوم أصبح الحب مدمرًا للعطاء، لا داعمًا لهُ!
كثيرًا ما نرى فتيات وشبان يشاركون الآخرين بآرائهم حول عاطفة الحب وكم أنها عاطفة خدّاعة، ولكن في الحقيقة الأمر يخالف ما يقولونه تمامًا، فالخطأ ليس في الحب وإنما في الأشخاص الذين نحبهم، هل هم صادقون؟ هل يحبوننا لأنهم يؤمنون بأن الحب حاجة للبقاء، أم للتباهي أمام أصدقائهم فقط؟
وبالطبع ستختلف إجابة كل شخص على هذه الأسئلة، ولكن على الوجه العام فإن الغالبية العظمى من البشر أصبحوا يتبنون الإستحواذ على مشاعر الآخرين تحت مسمى الحب -على رأي الكاتبة- ومن ثمّ القيام بخداعهم وتركهم بقلب مُعلّق بين الحب لشخص خائن، والحزن على إكتشاف كذب من أحبّوا،
قبل فترة ليست بالقريبة قرأت رواية لا تغفر للكاتبة هدى سالم، الكاتبة تروي قصة البطلة ليلى التي تركها الشاب الذي أحبته بعد أن كانوا يريدون الإتفاق على الزواج وبعد رابطة حب قوية نشأت بينهما، أو كما كانت تظن ليلى ذلك، ولأن هجر الشاب لها لم يكن سهلًا بالنسبة لها فقد قررت ليلى أن لا تعود للدخول في أي علاقة مرة أخرى كي لا تقع في نفس ورطة المشاعر المظلمة التي تسبب بها ذاك الشاب الذي رحل.
الكاتبة ركزت في روايتها على تقديم نصائح غير مباشرة للقراء أهمها عدم الخضوع عند علاقة ما مهما تبين أنها حقيقية، وعدم تصديق مشاعر أحد إتجاهنا لأنه قد يبدو مُحبًا حقًا ولكنه في الواقع لا يريد من علاقته غير التسلية وتمضية الوقت، وهذا ما جعلني أستغرب، فماذا لو كان هناك مُحب صادق، هل نرفضه لأجل خطأ غيره؟؟ وماذا عن العلاقة الصادقة والحب الوفيّ الذي قد يُتاح لنا بعد عدة تجارب فاشلة في الحب، هل سنقوم بالخوض به من دون خوف، تردد، وقلق من تكرار الزمن لنفسه ومعاودة الإنهزام أمام علاقة واهنة تختبئ خلف ستارة الحب؟
عندما فكرت بعقلانية؛ أجد أنني قد أخالف نصائح الكاتبة في عدم الخوض مرة أخرى في علاقة جديدة حتى لو كانت حقيقية، وأرى أنه يجب علينا أن نعطي فرصًا للحب الحقيقي عندما يسنح لنا، فلا يجب محاسبة الآخرين على أخطاء غيرهم، ولعلَّ الحب الصادق يكون كالدواء لقلوبنا، وبنظري فإن ما يجب علينا أن نبتعد عنه هي تلك العلاقات العابرة التي لا تُخلّف وراءها إلا الحزن والإكتئاب، والأهم أن لا نجلد أنفسنا بسبب التورط في حبٍ خادع أو أشخاصٍ متجمدي المشاعر، فهذا أمر غير معلوم عند أي أحد، وهو ليس خطأ شخصي يعود لنا وإنما مرض نفسي عند أولئك الأشخاص الذين يتلاعبون بمشاعرنا كالدمى، ولكن "يبقى الحب حاجة مؤكدة لإستمرار العيش" سواء كان حب من طرف العائلة أو الأصدقاء أو حتى الحيوانات الأليفة فلا مشكلة في تلقيه حالما يكون حُبًا صادقًا.
لفتت نظري بعض الاقتباسات في الرواية للكاتبة مثل؛ "قد ترى النور في عزلتك والمجد في بقائك صلب ودون أن تطلب العون من أحد.."
ثمة اقتباس آخر "الحب لا ينهار من أجل أحدهم.. وإنما يضعه في صوبة زجاجية..في عنق قنينة مشروخة تحطمت آالف المرات. ليتركك إما مشوهًا أو لقيطا لا أهل لك"
وأنت ما رأيكم فيما قالته الكاتبة؟ وماذالو أُتيح لكَ حب صادق بعد تعرضك للعديد من الصدمات العاطفية، هل ستخوض في الأمر أم ستكتفي بالبقاء وحدك ولماذا؟
التعليقات