لم أنساها....

مضى الثلاث أعوام ونصف ولم يفارقني طيفها، لم تكن الحياة رغدة خلال تلك المدة؛ بل كانت كمن عُوقِب بالرجم تتثاقل على قلبه ضغوط الحياة.

كنت أقاوم بضراوة، أتوهم القوة لأستدعي مزيداً من الإيمان كي أمضي قدما،حتى في الوقت الفاصل بين لحظات ضعفٍ وقوة، وقت النشوة بالانتصار على الذات؛ كانت تزورني رياحها الكئيبة "لما كنت ضعيفاً هكذا! هل كان ذلك سيحدث لو كانت معي.... لو كانت معي... وهل ستكون يوما!" وأمضي إلى تتابع من ال "لو" التي تحمل في طياتها حقائق صادمة، بعض الناس تقتلهم كلمة يقولها أحدهم بلا إكتراث؛ فكيف إذا قالتها النفس، تقولها في صمت خشية سماع صوت الحقيقة؛ كخشية سماع صوت صافرات الحرب التي تقرع آذان القلوب.

أحمق ذلك الذي لا يشعر بمن لا ينسى أن يدع له نصيباً من يومه، ولكن كيف يشعر والثاني لا يصارحة بذلك، ثمة خوف ينتابه من الجهر بخبايا النفس، والأمر أشد تعقيداً من تبريره.

الإنسان خُلِق ضعيفا؛ لهذا ضَعُف، أحس بفراغ يحتويه رغم كثرة مشاغله؛ ولكن طبعه الانعزالي أوهم له بذلك، حاول خيانة وعد كان فيه هو الطرف الأوحد، كلما أقترب من أحدهم تنحى في عجالة، ليس بسبب أنه لا يكن لهم أي مشاعر سوى سد فراغه في فترة جمود، وليس لأن كبرياؤه كان يخبره دائماً أنه أرقى من السقوط في وحل هؤلاء الفارغين، رغم وجود كليهما؛ لكن السبب الحقيقي أنه كان يرى وجهها في الجميع، ظن أنه مريض بها؛ لكن إقتناعه بأن القلب يحتضن يحتضن صورتها محى ظنه هذا،هي متلازمة لكنها ليست مرض.

لكن السؤال الأهم لما هي؟!، هل تستحق كل هذا، كونه شخص وُصف بكل صور الكبرياء والعناد وأنه صعب ارضاؤه، ثمة شئ يميزها عن جميع العابرين، ثمة شئ يجيز له التشبث بها.

هل عاد فرانس كافكا في شخصه المتعب، أم هي تكرر نفس ما كانت تفعله مجنونته ميلينا، هه الطريف في الأمر أن ميلينا كانت ترد على رسائل فرانس، لم تتركه غارقاً في حنينه، كانت تحاول بهشاشة قواها إنقاذه، لكنكِ لم تفعلي ذلك.

في النهاية مازال هناك متسع للعيش، لترميم الحزن بألوان السعادة، لفصل جديد من تلك الرواية المتقطعة، وكلمات جديدة تزيل قسوة الكلمات التي سردناها هنا.