ماهو حكم الموسيقى؟

الحكم الشرعي لا يقترن بفهمك للأمر وتطور نظرتك حوله ولا يصح أن يناقش الإنسان بما يجهل وأعجب من أناس يلوكون أحكام الدين ويتناقشون حولها! وهم لو بحثت في محصلتهم من العلم الشرعي وما يؤهلهم للنقاش والاجتهاد والبحث لوجدته صفر، ولا دلائل أعظم من ذلك إلا ما نشهده بين الناس في شبكات التواصل، حتى من يجهل أركان الصلاة يتناقش في مسائل في الدين تعفف عن النقاش حولها علماء شابت رؤوسهم وهم في دهاليز العلم! ويعتذرون بقولهم "لا أدري"!، الغريب أن يأتي مراهق أو جاهل بضاعته من العلم الشرعي صفر فيقطع في حل وحرام شيء ما ويتكلم بكل وثوق كأنه علامة زمانه!!.

 أتستطيع أن تتناقش في مسائل في الفيزياء النووية (مثلا) وأنت تجهل أسس الفيزياء وطرائق البحث (methodology) فيها!! طبعا لا تستطيع! بل أنك ستنظر لأقوال أهل العلم في الفيزياء وتأخذ بقولهم، أو أن تشمر عن ساعديك فتطلب العلم فتدرس أسس الفيزياء، ولا تخولك الأسس للنقاش بل تحتاج لدراسة موسعة في مجال الفيزياء الذرية ومن ثم تدرس الأطروحات العلمية والنظريات وطرائق البحث كل هذا حتى تستطيع أن تناقش في مسألة في الفيزياء النووية.

متى يفهم الناس أن الشريعة ودين الله "علم قائم بذاته" له أسس وقواعد ومناهج لا تدرك بسنة ولا بسنتين بل هي قرينة الطلب ولا تنقضي مع السنين لو عكفت على طلبها "أي علوم الشريعة" فهي البحر الذي لا شاطئ له، ولكن هناك محددات وأسس ومناهج يطلبها من أراد التفنن في الفقه وإدراك أبعاد المسائل الفقهيه مثل "مسألة الموسيقى" ، تتلخص في طريق واضح المعالم طويل المسير ولن ألخصه بكلمة ولا كلمتين ولكن من باب إنصافك عليك قراءة كتاب "السبل المرضية في الطلب العلوم الشريعة" ففيه خيرا كثير يحدد لك الطريق والمنهج الأفضل في دراسة العلم الشرعي، وطبعا أتعلم كم علم يحتاج الفقيه لكي يبت ويناقش في مسألة مثل "مسألة الموسيقى" تحتاج لسنين في طلب العلوم الشرعية (القرآن الكريم وعلومه - السنة النبوية وعلومها - اللغة العربية وعلومها - الفقه وأصول الفقه - المنطق ... إلخ).. مثلا دعنا نتكلم عن علوم القرآن الكريم، وقد قال الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن أن عدد علوم القرآن يصل إلى سبعة وأربعين نوعاً ثم قال: "واعلم أنه ما من نوع من هذه الأنواع إلا ولو أراد الإنسان استقصاءه لا ستفرغ عمره ثم لم يحكم أمره"، العجيب أن في كل علم من هذه العلوم آلالاف المصنفات والمباحث، ولا غرو أن الناس تجهل ذلك ويظنون أنهم حينما يستطعون الكلام والقراءة بالعربية فإن هذا هو المخول لهم في الحديث حول أحكام الشريعة الإسلامية.. على رويدكم هذا تسطيح مقيت للحقيقة!، عجبي ما بال الناس لا تعلم عن علوم دينها شيء! . لا تعلم ما أهو أصول الفقه ما هو المنطق .. تفقهوا يا ناس في دينك!

نأتي هنا لمسألة قد تعترض وتستشكل على بعض الناس، البعض لا يستطيع طلب العلم (الغالب من الناس هكذا)، ولكن كيف لهم أن يجتنوا العلم الشرعي من ثماره، وأن يطبقوا أحكام الشرعية، هنا يأتي دور العلماء المسلمين الذين اتفق المسلمين على صلاحهم وعلو كعبهم في العلوم الشرعية ونأخذ بزمام ما انتهوا إليه من أحكام وما أجمعوا عليه، ولا لنا نحن المفتقرين للعلم أن نتكلم بالأحكام الشرعية بآراء اشتهائية دون إطار يحويها أو منهج يكتنفها .. لابد من وضوح المنهج وامتلاك الآلة، فإن خبط العشواء لا يصح بالعقل ولا بالمنطق ولا بالدين!، وهذه مثلها مثلما أننا نحتاج للطبيب لعلاج الأبدان وللمهندس لبناء العمران ... كذلك نحتاج للفقيه لمعرفة أمور ديننا .. وهكذا (إنما نحن مقلدون لمن هم أفضل منا وأعلم وأفقه في كل مجال)

*إننا نأكل الطعام يوميا .. فهذا لا يجعل منا أخصائي تغذية ..

*إننا نصل ونصوم ونقرأ ونتكلم العربية .. فهذا لا يجعل من علماء بالدين .. ولا يخولنا ذلك للبت والكلام بآرائنا حول حكم شرعي سواء أكان حلال أو حرام ...

ومن ثم .. المسألة هذه يا فهد أشبعت بحثا وكلاما ممن يفقه ولا يفقه ..ودونك قوقل ستجد الملايين من المواضيع حولها وستجد ضالتك حولها!

ولكن تجرد للحق سواء أكان وفق ما تشتهيه أو ما لا تشتهيه ... والسلام