البكاء من خشية الله: فضله وأسباب قلته

البكاء من خشية الله هو نعمة عظيمة وهبة من الله تعالى تُظهر صفاء القلب وعمق الإيمان. إنه تعبير عن الخشوع والتذلل أمام عظمة الله ورحمته، وهو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه. لكن قد يشعر البعض أن هذه النعمة تغيب عنهم أو تحدث معهم نادرًا، مما يدفعهم للتساؤل عن الأسباب وكيفية علاج هذه الحالة.

فضل البكاء من خشية الله

من أسباب النجاة: قال رسول الله ﷺ: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع." (رواه الترمذي).

علامة الإخلاص: البكاء في الخلوة دليل على الصدق والإخلاص في العبادة.

من أسباب ظل الله يوم القيامة: في حديث السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة: "ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه." (متفق عليه).

أسباب قلة البكاء من خشية الله

1.   ضعف الإيمان وقسوة القلب: الانشغال بالدنيا والمعاصي يؤدي إلى قسوة القلب، فيفقد تأثره بآيات الله وعظمته.

2.   قلة التدبر في القرآن: التلاوة السطحية دون فهم المعاني تحول دون التأثر بما يقرأ العبد.

3.   الاعتياد على الذنوب: الاستمرار في الذنوب الصغيرة أو الكبيرة يضعف الصلة بالله، مما يحد من الشعور بالخوف والخشية.

4.   قلة ذكر الله: الغفلة عن الذكر تضعف القلب وتمنع عنه رقة الإيمان.

5.   قلة التفكير في الآخرة: الابتعاد عن تذكر الموت وأهوال القيامة يبعد الإنسان عن الإحساس بعظمة الموقف أمام الله.

6.   عدم الإخلاص: قد ينشغل العبد بالمظاهر أو ينوي أشياء أخرى بعبادته، فلا يجد أثرًا روحيًا عميقًا.

أسباب استعادة البكاء من خشية الله

تطهير القلب:

التوبة الصادقة والابتعاد عن المعاصي.

الإكثار من الاستغفار والدعاء لتليين القلب.

تدبر القرآن الكريم:

اقرأ الآيات بتأنٍ وتأمل معانيها خاصةً تلك التي تتحدث عن الجنة والنار وصفات الله وأسمائه الحسنى.

استمع لتلاوات مؤثرة من القراء المعروفين بخشوعهم.

ملازمة الذكر:

اجعل ذكر الله حاضرًا في حياتك اليومية، مثل: "سبحان الله"، "الحمد لله"، "لا إله إلا الله".

أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي ﷺ.

تذكر الموت والآخرة:

فكر في اللحظة التي تقف فيها بين يدي الله للحساب.

استحضر أهوال يوم القيامة ووصف الجنة والنار.

اختيار أوقات خاصة للعبادة:

قم الليل واجعل الدعاء في السجود، فإن الخلوة مع الله وقت السحر لها أثر عظيم على القلب.

مصاحبة الصالحين:

اختر رفقة تعينك على الطاعة وتذكرك بالله.

احرص على حضور مجالس الذكر أو متابعة دروس العلماء المؤثرة.

طلب العون من الله:

ادعُ الله أن يرزقك خشوع القلب والبكاء من خشيته، ومن الأدعية المأثورة:

"اللهم إني أسألك قلبًا خاشعًا وعينًا دامعة ونفسًا مطمئنة."

البكاء من خشية الله: شعور لا يُشترى

البكاء من خشية الله ليس هدفًا في ذاته، بل نتيجة طبيعية لخشوع القلب وإدراك عظمة الله. لذلك، لا تُجبر نفسك على البكاء، بل اعمل على تقوية إيمانك وتصفية قلبك، وستجد عينيك تدمعان من تلقاء نفسيهما في لحظات الصفاء والخشوع.

نسأل الله أن يرزقنا قلوبًا خاشعة وعيونًا دامعة من خشيته، وأن يجعلنا ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.