عزيزاتي نصف المجتمع، من فضلكن هلا سمحتن لنا بالنصف الآخر؟ أدرك أنك لست أقل من ابنة عمة بنت خالتك ولكن المساحة أصبحت ضيقة جدًا، كل مكان أذهب إليه أراك، بدأت أشتاق للثقافة الذكورية صراحةً، حتى هذه يبدو أن تيك توك سيحرمنا منها قريبًا فلقد بدأت كائنات غريبة بالظهور أمامي، لم أدرك حتى اليوم مقدار التشابه بين الذكور والإناث في المملكة الحيوانية حتى رأيت بأم عيني هذا الفيديو، فلتمنحني الآلهة القوة للحفاظ على ما تبقى من عقلي.

أتمنى من حسوب إن كانوا يبحثون عن كتاب فأنا موجود، أعطني كل ما تملك من المال، فلم يتبق من كريم إلا الكبد ولا أحبه صراحة، كان صديقًا عزيزًا، لا أعرف لما لجأتم للنساء صراحة ونحن لم نقصر معكم يومًا، الكل فيمنست في عصرنا هذا، سأنشأ منظمة المنيست لحقوق الرجال قريبّا، وفي النهاية أنت مطالب بمصروفها وتدبير كل حواج المنزل وإرضاء أمها كي ترضى عنك، سأفكر مليًا في قطع دابر المشركين ربما سوق اللحم البشري يزدهر يومًا.

ريك اند مورتي الموسم الرابع متألق جدًا، حلقة الحمام وال shy pooper أثرت فيي صراحة، أشعر بشيئ غريب كلما دخلت الحمام، لا أدري أهذا القولون العصبي أم ماذا، لطالما شعرت بهذه المساحة الخاصة الجميلة -رغم كل ما يتخللها من مصاعب، ربما كلنا shy poopers، ربما الحمام هو أفضل اختراع أبدعته البشرية حتى يومنا هذا، وارتباط الإنسان بالحمام ضارب في القدم، فحتى العرب إن أرادوا تلبية نداء الطبيعة ذهبوا للخلاء، يبدو أن هذه التلبية لطالما احتاجت لطقوس خاصة، أتذكر أمي وهي تنهرني ألا أدخل الحمام بقدمي اليمنى، لم أفهم حينها أن الشياطين لديها foot fetish، والآن أدخل دائمًا بالشراب.

الدوش الدافئ هو أجمل شيئ في الكون، أجمل من وجبات كنتاكي حتى، صفاء ذهني رائع، كما ولدتك أمك، أحيانًا يثير فيك بعض النرجسية -إن كنت بوسامتي، وأحيانًا أخرى يجعلك تعيد التفكير في الحياة -وإن كان هذا الغالب.

أحيانًا أعتقد أن الهدف من هذه الحياة ليس البقاء، ولكن الموت. من يموت أولًا يفوز، منذ أيام توفي جارٌ لي، كان طيبًا، حزنت حزنًا شديدًا كحزني يوم توفي أقربائي ممن هم في عمري، هل كنت خائفًا من الموت؟ لا أعتقد، أعتقد أني في هذه اللحظة كنت مستعدًا تمامًا لتقبل الموت أكثر من أي وقت مضى، كنت راض إن ذهبت حينها، راض عن كل لحظة في حياتي، وليست حياتي بتلك المثالية، ولا علاقتي بخالقي بتلك القوة، ولكن فقط شعرت أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان، هل حزنت عليه لأني لن أراه مجددًا؟ لا أعتقد أن هذا كان يمثل ولو عُشر حزني، أعتقد أني كنت حزينًا فقط لحزن من حولي.

أحيانًا أشعر بالتبلد، أن قلبي صار كالصخرة من كثرة الأحزان والأموات، لم اعد أحزن لسبب شخصي، لا أحزن على فراق ميت لأني لن أره مجددًا بقدر حزني على من يحزنون عليه حقًا، لم تعد لدي القدرة للبكاء على حالي حتى، أستمد مشاعري ممن حولي كمصاص مشاعر بائس، أعتقد أني ما زالت لدي القدرة أن أضحك على الأقل، أو أسعد لتذوق كنتاكي، ولكن يبدو أن جزء الحزن على الأموات قد ذهب، ربما عندما يكون المرء مستعدًا ليموت يفقد القدرة على الحزن لموت غيره بل ربما يكتسب بدلًا منه حسدًا.

لا تفهمني خطأً فليست لدي ميول إنتحارية، لا أملك الشجاعة أولًا وثانيًا ما زال هنالك ملايين قطع دجاج كنتاكي في العالم لأتذوقها، أحيانًا أعتقد أن فلاسفة التشاؤم ليسوا أولئك من عاشوا حياة بائسة بل أولئك من عاشوا في بيئة بائسة، أعتقد أن شخصًا يحزن لحزن الناس قد يصل أقصى ما قد يشعر به أضعاف مضاعفة ما يشعر به شخص يحزن لنفسه فقط، فلا أعتقد أن أي فيلسوف تشاؤمي يحزن على نفسه أو حياته بقدر حزنه على غيره، ربما تلك فلسفة دفاعية بسيطة أو شيئ من هذا القبيل.

في الأيام الماضية كثرت حالات الإنتحار في مصر، فيديو انتشر لشاب قفز من أعلى برج القاهرة حينما التفت صديقه ليتحدث بالهاتف، وشاب قفز أمام القطار، وقبلها حالات كثيرة لشباب يقفز أمام الميترو، وفي مدينتي الصغيرة على بعد عدة شوارع من منزلي رجل تخطى الأربعين قفز من أعلى المبنى منتحرًا لأسباب أجهلها يدعي الناس أنها الفقر وما شابهه، هل الإنتحار انتشر هذه الآونة فقط؟ لا أدري صراحة ولكن عصرنا من المؤكد أنه من أكثر العصور بؤسًا، لا أدري حتى إن كان مثل هذا الحديث ممكن على حسوب أم لا بعد اليوم.

قديمًا كان الإنتحار نادرًا إلا لأغراض نبيلة كالفداء والتضحية من أجل مبادئ، واليوم الإنتحار صار لأحزان شخصية ولإكتئاب، هل متطلبات الحياة الأساسية غير متوفرة لمن ينتحرون اليوم؟ لا والله بل الأغلبية العظمى يملكون أضعاف ما ملكه السابقون وإن كانت الحالة الإقتصادية سيئة، هل هي أمراض كالإكتئاب فقط؟ ممكن لا أدري، ولكني أرى صراحة أنها الشجاعة، أرى أن ثقافة العصر تعطي الناس شجاعة أكبر، أعتقد أن أسباب اليوم هي أسباب الماضي ولكن موانع الماضي قد اختفت اليوم، أتذكر إحدى الفيديوهات لأحد الشباب المنتحرين وهو يقول فيما معناه "هنالك أناس متدينين، هؤلاء عندهم قدرة على التحمل لا أملكها، هم أقوياء أنا ضعيف، هم قادرون أن يقبضوا على الجمر وأنا لا أستطيع، أنا بقول "يح" من النار مستحملهاش... أنت لست مركز الكون والحياة تستمر بك وبدونك، كله ينسى، أتذكر صديقنا مات وأنا الآن لا أتذكره إلا كل "حين وحين، الحياة لا تقف من أجل أحد.

الحياة لا تقف، الكل ينسى، في مشهد العزاء لجاري -رحمه الله- كنت من أوائل من عرفوا الخبر ووقفت بجانبهم حتى الصلاة ثم الدفن ثم العزاء، أتذكر الناس وهم يقبلون ابنائه ونفس هذه القبلات طُبعت على نفس الخد منذ بضعة شهور إحتفالًا بزواج أحد الأبناء، كنت أستعجب لما هذا التسرع في تلك الزيجة، أتذكر وانا ذاهب لمشاويري وهم واقفون لليوم الثاني يستقبلون العزاء وأنا أمر عليهم مرور الكرام، الحياة لا تقف..

في النهاية يبدو أن الموت يأخذ خيرنا أولًا، لذا أشعر أني سأعيش مقدارً لا بأس به، هل سأخسر اللعبة؟ لا أدري صراحة متى ستظهر Game Over ولكن أنا متأكد أن كنتاكي سيبقى حتى تلك اللحظة، أنا جائع حقًا، لما لا يفتحون فرعًا بجوار منزلي؟ لا أدري.