هل نحن مجرد مجموعة ذرات أصبحت واعية بأنها كذلك (من وجهة نظر الالحاد)؟


الإلحاد هو شكّ أو عدم اقتناع بوجود خالق نقطة انتهى، يتوقف عندها الإلحاد، الإلحاد ليس منظومة عقديّة تقدّم تصوّر كامل عن الكون، بالطبع الملحد كشخص من الممكن أن يكون له تصورات معيّنة عن الكون لكنّها غير عائدة لإلحاده فإلحاده هو موقف من وجود الإله فقط

فقط لأنّ الملحد غير مقتنع بفكرة الخالق لا يعني أنّه مُطالب بتقديم تفسير هو الآخر، إن كانت الفكرة غير مُقنعة فهي غير مُقنعة حتى ولو لم نملك تفسيرات بديلة أو كانت تفسيراتنا البديلة خاطئة.

للأمانة فقط، المُلحد الإيجابي (و هم قلّة) مُطالب بتفسير ما لأنّه يدّعي بعدم وجود خالق على عكس معظم الملحدون الذين فقط لا يجدون دليلاً كافياً على وجوده مع البقاء منفتحين على الدليل حينما يأتي.

ملاحظة 2: في مثل هذه المعتقدات، عدم الاقتناع بوجود خالق لايعني عدم وجوده

هذا صحيح تماماً، فكرة أنّني لا أرى دليلاً كافياً على وجود إله لا تنفي وجوده، قد يكون موجوداً و قد لا أحصل على الدليل الذي أريد أبداً، هذا لا يؤثّر على وجوده في شيء.

ملاحظة1: لا اتكلم هنا عن الاديان، مجرد الايمان بخالق.

أقدّر تماماً التفريق الذي تأسسه هنا، فالخالق مختلف عن الإله ناهيك عن أن يكون إله أحد الأديان، و لكن حتى القول بوجود خالق هو أحد التفسيرات للمشكلة الوجودية و هو لا يعني أنّك تنطلق من قصّة دينيّة ما هو فقط تفسير فلسفي لوجود الكون، وهو بالطبع لا يعني شيء بالنسبة لموضوع الألوهيّة.

وبما أن كلا المعتقدين (الايمان او عدم الايمان بالخالق) كلاهما غيبي

الإيمان بعدم وجود خالق له من قفزة إيمانيّة ما هو أكبر من الإيمان بوجود خالق، تحتاج دليلاً تجريبيّاً لتقديم هذا إدّعاء في إطار مادي و هو المعتقد الذي يحمله الإلحاد الإيجابي، و هم على وجودهم، قلّة قليلة و أرى أنّ ذلك الإدّعاء هو الأكثر تطرّفاً بعد إدّعاء وجود إله و نسبه إلى دين مُعيّن

بغض النظر عن الاديان، لن يخسر المؤمن شيئاً اذا كان الله غير موجود أصلاً، لانه سيموت هو والملحد ويختفي كلاهما من غير معرفة الحقيقة.

رهان باسكال؟ هنالك حالتان تفّند فعاليّة الرهان:

  • الأولى هنالك خالق و هو غير مُهتم بنا أو ليس هنالك خالق، بالتالي الربوبي و المُلحد و المؤمن هم على سويّة واحدة ما عدا أنّ المؤمن يضيع وقته في العبادات بينما المُلحد غارق في ملذّات الدنيا التي لن يعرف غيرها.

  • الثانية هنالك خالق، هو إله و يريد منّك عبادته، و ماذا لدينا؟ حاليّاً فقط هنالك حوالي الـ 4200 دين مُتضّاد في العالم، أنت مُلحد بـ 4199 إله، فأنت إن كُنت مسلماً مثلاً، فأنت حتماً لا تؤمن بالإله الذي صلب نفسه أو أرسل ابنه ليُصلب، بالنسبة للديانة المسيحيّة أنت معي في بُحيرة الكبريت، الفرق بيني و بينك أنّني مُلحد بإله واحد أكثر منك.

و إن فكرت بالأمر فالرهان يحمل إهانة صارخة للإله، أن تُمثّل أنّك تؤمن به فقط لتتقي ناره هو شيء مُهين لأي كيان، هذا الشكل من الإيمان يعامل الإله و كأنّه طفل صغير مع قوى خارقة و علينا اتقاء شرّه بأي طريقة، لا يُمكنك تصنع الإيمان فهو مرحلة أعلى من التصديق حتى و تصنّع وجود الإله لا يُثبت وجوده على أيّ حال، تخيّل أن يكتشف شخص ما أنّ زوجته تتصنع الحبّ له، هل سيكون سعيداً منها؟ أشكّ في ذلك ..

ليس هذا فحسب، بل ما ذكره فيه مغالطة كبرى، لأن ما أسماه بالـ 4200 دينا جزء كبير منها ليس فيها اعتقاد بإله أو خالق وبالتالي هي خارج المعادلة مثل البوذية التي لا تهتم أصلا بمسألة وجود الإله من عدمه.

وبقية الأديان الأخرى معظمها خارج المعادلة لأنهم يعبدون الأسلاف أو النار أو الشمس أو القمر أو الثعلب أو الثعبان أو البقرة أو القرد أو الجن أو أي شيئ من الآلهة التي لا يمكن أن تكون خالقة الكون لأنها جزء منه ومادية.

لم يبق سوى الأديان الثلاثة التي يفترض أنها توحيدية + الزرادشتية، والنصرانية طوامها معروفة، واليهودية عرقية أكثر من كونها ديانة، فلم يبق سوى الإسلام والزرادشتية، ومبروك على من سيختار الزرادشتية ويفضلها على الإسلام مع أنه لا توجد اليوم أي مخطوطة للأفيستا أقدم من القرآن، بل أقدم مخطوطة لكتابهم القدس تمت إعادة كتبتها بعد ظهور الإسلام بقرون !!

-2

99% من الملحدين يتبنون الفلسفة المادية لأنها الفلسفة الأكثر اتساقًا مع رؤيتهم للكون (لكنها غير متسقة مع نفسها !). عندما يطلبون دليلًا على وجود الله فهم كذلك في 99% من الحالات يريدون دليلًا ماديًا ولا يقبلون بنقاش الأدلة العقلية من الأساس. بالتالي نحتاج أولًا لنقاش الفلسفة المادية وإثبات أن العقل أرفع من المادة ثم نعرض الأدلة العقلية على وجود الله.

إن أراد الملحد الوقوف على الحياد فليقف لكن ليصمت عن من يقدمون الدليل العقلي على وجود الله أو إن لم يرد الصمت فليناقش أدلتهم وينقضها وهو عندئذ سينقضها بناء على فلسفة خاصة به وليتقبل عندئذ انتقاد ونقاش هذه الفلسفة من قبل الطرف الآخر.

لا يوجد حياد على الإطلاق في المسائل الفلسفية الكبرى.

99% من الملحدين يتبنون الفلسفة المادية لأنها الفلسفة الأكثر اتساقًا مع رؤيتهم للكون

دعني أشكك بالرقم أولاً، و ثانياً هذا لا يعني أنّهم يدّعون بامتلاكهم إجابة حاسمة لموضوع نشأة الكون، الوحيد الذي يقول ذلك هو المؤمن، و ثالثاً إن كنّا نتحدث عن الإلحاد فعليك أن تشير للنص الإلحادي المقدّس الذي يسرد قصّة الوجود حتى يكون النقاش عادلاً، فأنت تعامل الإلحاد و كأنّه منظومة كاملة و الملحدون كلّهم يستمدون عقائدهم منها، هو موقف تشكيكي و حسب، معاملة القضيّة بطريقة "أنت لا تقتنع بقصّتي؟ أعطني قصّتك إذاً" هو أمر غير عادل و غير منطقي.

إن أراد الملحد الوقوف على الحياد فليقف لكن ليصمت عن من يقدمون الدليل العقلي على وجود الله أو إن لم يرد الصمت فليناقش أدلتهم وينقضها وهو عندئذ سينقضها بناء على فلسفة خاصة به وليتقبل عندئذ انتقاد ونقاش هذه الفلسفة من قبل الطرف الآخر.

الجزء الأول من الجملة كان صادماً لولا أنّك أدركته في الجزء الثاني، لكن مع ذلك إن قلت لي أنّك ذهبت إلى متحف اللوفر البارحة و أنا لم أقتنع بإدعاءك فهذا لا يعني أنّني أعرف أين كنت أنت، بالطبع كما قلت عليّ تقديم النقد لمقولتك تلك لكنّك لا تستطيع أن نقول لي إذا لم أكن هناك، فأين كنت؟ بمعنى آخر استطيع أن أُخبرك بخطأ في حلّ معادلة بدون أن أعرف أنا حلّ المعادلة أصلاً

لا يوجد حياد على الإطلاق في المسائل الفلسفية الكبرى.

الحياد اللاأدري مختلف عن التشكيك الإلحادي، أنا لا أصدّق ما تقول ولا أملك ما أقول بخصوص الموضوع في نفس الوقت


أفكار

مجتمع لتبادل الأفكار والإلهام في مختلف المجالات. ناقش وشارك أفكار جديدة، حلول مبتكرة، والتفكير خارج الصندوق. شارك بمقترحاتك وأسئلتك، وتواصل مع مفكرين آخرين.

85.5 ألف متابع