كما لا يخفى على الكثيرين منكم أنه قام مجلس الشورى السعودي مؤخراً بإقرار نظام الإقامة المميزة أو الدائمة في السعودية.
لست هنا لكي أتحدث عن هذا الأمر من الناحية القانونية أو السياسية، بل من الناحية المجتمعية بالنسبة لي كمقيم (مولود) في السعودية.
حسب ما تحكي التسريبات أن هذه الإقامة غير موجهة للأشخاص العاديين مثلي (وربما مثلك) -عزيزي القارئ- بل هي على الأرجح للتجار وأصحاب الأعمال ورؤوس الأموال الذي يملكون مدخول عالٍ وينوون الاستثمار في البلاد.
فكما تحكي التسريبات أن سعر الإقامة الدائمة قد يصل إلى ٨٠٠ ألف ريال سعودي (تدفع لمرة واحدة) أي ما يزيد عن الـ 200 ألف دولار. الأمر الذي استوقفني لأتساءل: ما هو الأمر الذي سيدفعني (كمقيم متوسط الحال) لاستثمار مبلغ كهذا في الإقامة الدائمة.
هناك بعض الدول الأوروبية التي قد تقدم للمستثمرين جوازها إذا ما قاموا بالاستثمار في بعض القطاعات التي تدفع من عجلة الاقتصاد في البلاد، ولكن الأمر لا ينطبق على نظيرتها في السعودية.
إذ أنّ الإقامة الدائمة لا تخول صاحبها للحصول على (الجواز) السعودي ولو بعد 1000 عام!
في أول زيارة لي للصين قمت بفتح سجل تجاري، ورخصة استيراد وتصدير، وسجل للضرائب، وغيرها من الإجراءات. وقد كانت مدة زيارتي لها 11 يوم فقط!
نعم لم أكمل كل الإجراءات في هذه الأيام لكنني قمت بعمل التواقيع والإجراءات الأساسية ومن ثم أوكلت جهة متخصصة لتكمل بقية المهمة لي.
بعد تسجيل الشركة رسمياً منحوني 4 إقامات دائمة بإمكاني منحها لأي شخص ليأتي ويقيم في الصين بشكل دائم (بمن فيهم أنا).
مع العلم أن تعداد سكان الصين يبلغ 1300,000,000 (مليار وثلاثمائة مليون) إنسان!
بينما يبلغ تعداد سكان السعودية بمن فيهم غير السعوديين 30,000000 (ثلاثون مليون) إنسان.
أي مقابل كل شخص يعيش في السعودية 43 شخص يعيش في الصين!
كيف لهم أن يمنحوني كل هذه المميزات في أول زيارة لي؟!
سألت الشركة المسؤولة عن متابعة الإجراءات الرسمية لشركتي عن هذا الأمر فأجابوني: أنت تأتي وتستثمر مالك وتأكل وتشرب وتستأجر سيارة أو فندق، فأنت بالتالي تورد أموالاً إلى الخزينة، وهذا بالضبط ما نحتاجه نحن. أما بقاؤك الدائم فلن يؤثر على المواطنين الصينيين (طالما لم تنافسهم في الوظائف!) .
هنا مربط الفرس، هم لا يسمحون لغير الصينيين بالعمل إلا في وظائف محدودة جداً وبشروط صعبة. أما الاستثمار فإنه سيجبرك على توظيف شخص واحد صيني على الأقل، وبالتالي تساعد في الحد من معدل البطالة لديهم!
كنت أتمنى أن ينطبق هذا الأمر على بلاد مثل السعودية، بإمكانهم إغلاق باب الوظائف نهائياً أو جعلها في نطاق محدود جداً، ولكن في المقابل كل شخص يفتح عمل تجاري (يٌجبر) أن يوظف سعودي واحد على الأقل. وبالتالي محاربة التستر التجاري والحد من معدل البطالة بشكل كبير.
وربما كنت (أنا ومثلي الكثيرين) بالقيام باستثمار المبالغ التي صرفتها في الصين، باستثمارها في السعودية!
شخصياً لا أرى أن الأمر سيؤثر بشكله المتوقع الحالي على الوظائف في السعودية لا إيجاباً ولا سلباً، ولكن ربما هنالك بعض الأشياء غير الواضحة حالياً نظراً لأن كل ما نتحدث عنه هو تسريبات.
أما مسألة الجواز فأنا حقاً لا أتطلع لها حالياً لا في السعودية ولا في غيرها، فجوازي (المتواضع جداً) يكفيني.
وأنت ماذا ترى؟ كسعودي أو غير سعودي؟
هل ترى في الأمر تهديد لك؟ أو فرصة جيدة للمستقبل؟
التعليقات