كانت النواة لظهور الرأسماليه هي ظهور معيار النفعيه لجيرمي بنتام (فيلسوف النفعيه الكبير) ،، وهي معيار سلوكي ينظر إلى العمل الأخلاقي بأنه العمل الذي يتم فيه تحقيق المصلحة الفرديه الانانيه واشباع اكبر قدر من الشهوات والانات الحسيه،، ثم ترجم هذا المعيار فيما بعد الي منهج اقتصادي ظهر على يد عالم الأخلاق النظريه الاسكتلندي ادم سميث في كتابه الشهير (ثروة الأمم) وفيه أكد على فكرة ومعيار السلوك الاناني النفعي من خلال مبدأ ( فرض الرشد الاقتصادي) والذي يعني بأن الإنسان يسعى دائما الي تعظيم مكاسبه وارباحه الماديه من الأموال بغض النظر عن نوعية العمل الذي يقوم به والذي يؤكده اكثر مبدأ (حرية اختيار النشاط الاقتصادي) حتى ولو كان هذا النشاط هو تجارة المدخرات او تجارة البغايا او حتى تجارة الاسلحه فالهدف الأول والأخير هو تحقيق اكبر قدر من المنافع الفرديه والأرباح الوفيره حتى ولو كان ذلك على حساب ضرر المجتمع بأكمله وذلك لان المنهج الرأسمالي يشجع الحريات الفرديه بجانب تحقيق اكبر قدر من المكاسب والأرباح الماليه الوفيره،، كما أن من ينظر إلى تاريخ الراسماليه الأول الذي سبق تنظير جيرمي بنتام وآدم سميث سيجد حملات نهب ثروات الشرق والعالم الإسلامي التي قامت بها الحملات الصليبيه في القرن الثاني عشر الميلادي وعقبها حملات النهب والسلب التي قام بها البحار البرتغالي فاسكودي جاما في جنوب أفريقيا والجزر الهنديه وهي كلها حملات كانت لغرض رأسمالي وهو الحصول على اكبر قدر من الثروات الماديه لبلاد الشرق والعالم الإسلامي والتي يطلقون عليها (بلاد العالم الثالث او العالم النامي) والتي ينظر إليها كل رأسمالي بأنها بلاد متخلفه ضعيفة الانتاجيه،، حيث أن هؤلاء الرأسماليون اللصوص الذين نهبوا ثروات هذه البلاد عن طريق الإحتلال والحملات العسكريه بداية من الحروب الصليبيه الهمجيه وحتى احتلال العراق وافغانستان في القرن الواحد والعشرين بأن المشكلة الاقتصاديه لما يسمونه بالعالم النامي او العالم المتخلف في إصطلاح اخر هي مشكلة انخفاض حجم الإنتاج وهذا من الجانب الاقتصادي من حيث أن الدول الراسماليه الكبرى قامت باحتلال العالم النامي ونهبت ثرواته وقصرت دوره على تصدير المواد الخام فقط تحت سياسات الإحتلال المباشر والغير مباشر ومنع اي محاوله للتصنيع والتطوير ، فضلا عن قصر البلاد المحتله بتصدير المواد الخام الي الدوله الراسماليه التي تمارس عليها الإحتلال فصارت المشكلة الأقتصاديه هي في انخفاض معدلات الانتاج ، ومن جهة اخري فانه بعد انتهاء فترة الإحتلال العسكري دخلت البلاد المقهوره تحت نير الراسماليه بالدخول الي فترة الإحتلال غير المباشر وهو الإحتلال السياسي الذي رفع شعار الديمقراطيه والحريات الفرديه والمصالح الوطنيه وهي كلها شعارات استعمارية رأسمالية بامتياز ،، حيث أن هذه الشعارات هي حصيلة مجهود دول الإحتلال الراسماليه في إيجاد نخبه سياسيه تفكر وتردد نفس شعارات المحتل الأجنبي لتكرس استمرار الإحتلال الرأسمالي بطريقة غير مباشره وهي الإحتلال بالوكالة السياسيه والتي يكون على رأس أهدافها منع اي محاوله جاده للعوده بالبلاد الإسلامية الي سابق مجدها ووحدتها الاسلاميه تحت إمرة خليفة المسلمين ويستبدل عن ذلك الديموقراطيه والقانون الوضعي والحريات العامه وهي بلاشك امتداد الي الإحتلال الأجنبي بنهجه الرأسمالي الذي يقنن القتل والاغتصاب تحت مسمى الديموقراطيه والحريات العامه، فالديموقراطيه لأنها هي حكم الشعب فهي بلاشك تعتمد على تشريع بشري من وضع البشر وهذا التشريع من شأنه تضارب واختلاف المصالح والرغبات وهو نفس المضمون الذي ينصب في مصطلح الحريات العامه فهذه الحريات هي لاشك سيتولد عنها المزيد من اختلاف وتضارب المصالح الي مالانهايه وان مصلحة الدول الكبرى الراسماليه من أمثال أمريكا وبريطانيا وفرنسا ان تظل البلاد الاسلاميه تدور في دائرة لاتنتهي من المصالح المتضاربه من أجل مزيد من الاقتتال والتناحر فيما بينهم وخير الأمثلة على ذلك الخلاف الشيعي والسني في لبنان والعراق والاحواز وهو إحدى التركات الخبيثه والمدمره للديموقراطيه والحريات العامه التي يدعيها ويرفع شعاراتها النظام الرأسمالي،،،
وعلى الصعيد الاخر ومن الجانب النظري والفلسفي للنظام الرأسمالي وما يقوم عليه من معيار النفعيه فإنه حتما وبلاشك هو نظام يشرعن القتل ويقنن الاغتصاب بامتياز ،، حيث أن من ينظر إلى مفهوم النفعيه لجيرمي بنتام والذي هو إشباع قدر من المنافع الشخصيه والمتع الحسيه والجسديه فهو حتما وبلاشك تقنين للاغتصاب وانتهاك الأعراض بأي شكل من الأشكال كان ،، وان الذين نقلوا هذا الفكر المسموم الي بلاد المسلمين لم يعوا جيدا الي خطورته واكتفوا بأن يركزوا فيه على جانب تحقيق الأرباح الماليه بمزيد من الجهد والعمل حتى أن هذا الجانب منه الذين اكتفوا بالتركيز عليه هو في باطنه المزيد من النهب حيث انهم لم يلاحظوا جيدا كيف قام الإحتلال الرأسمالي بنهب ثروات الشرق والعالم الإسلامي وكيف كانوا يستوردون منهم المواد الخام من غير تصنيع وفقا لسياسات استعمارية،، فضلا عن أن تصدير المواد الخام الي دول الإحتلال الرأسمالي هي بلاشك عملية مقننة للنهب وذلك لان دول الإحتلال الرأسمالي كانت تستوردها من بلاد العالم النامي بأرخص الأسعار ثم تعيد هذه البلاد الناميه بإعادة استيرادها بثمن أعلى مما يترتب عليه ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي فإن تحقيق مزيد من الإنتاج من أجل تحقيق مزيد من الأرباح هو امر مستحيل جدا ،، فضلا عن أن المشكله الحقيقيه ليست في زيادة حجم الإنتاج وإنما هي في توزيع الثروه وكيفية استغلالها بشكل جيد ، فبلاد العالم الإسلامي غنيه جدا بالمزيد من الثروات الماديه والطبيعيه ورغم ذلك فهي فقيرة جدا بسبب ان هذه الثروات فشلت الحكومات الديموقراطيه المتعاقبه منذ ستينات القرن العشرين وحتى اليوم في توزيعها بشكل عادل واستغلالها بشكل جيد يضمن تحقيق مزيدا من الرفاهيه والقضاء على الفقر من خلال تمكين كل فرد من إشباع وتلبية حاجاته الاساسيه بشكل كامل،، كما أن الحكومات الديموقراطيه ولأنها تعتمد على المصالح المتضاربه بحكم منهجيتها التشريعيه العقيمه فإن ثروات البلاد يتم تركيزها في يد حفني قليله من رجال الأعمال لاتتعدي العشرة في المائه فقط وتظل النسبه الباقيه من المجتمع تعاني من الفقر وقلة الدخل ولاتجد اي حصيلة تلبي حاجاتها من كحدها وجهدها ،، ونتيجة عدم العداله في توزيع الثروه وكيفية استغلالها بشكل جيد فإن ذلك يترتب عليه المزيد من الجرائم من القتل والاغتصاب والنهب وهي أمور وبلاشك يكون حدوثها جزء لايتجزأ ضمن آلية عمل النظام الرأسمالي فما من دولة رأسمالية على وجه هذا الكوكب الا وتزداد فيها معدلات الجريمه من قتل واغتصاب ، بينما الدول الأكثر رفاهة اقتصاديه مثل دول شمال أوروبا تزداد فيها معدلات الانتحار والأمراض النفسيه ،، وكل ذلك هو ناتج وبلاشك عن سوء توزيع الثروه وعدم استغلالها بشكل جيد يضمن إشباع جميع حاجات الأفراد الاساسيه فردا فردا وهذا لايتاتي تحقيقه ابدا عن طريق هذا النظام الرأسمالي العقيم الذي يستند على معيار النفعية الانانيه والديموقراطيه والمصالح الوطنيه وكل هذه الأكاذيب والخزعبلات التي لم تورث الا الفقر ومزيد من الجرائم الاجتماعيه بل ومزيد من الديون على كاهل البلاد الاسلاميه العربيه منها وغير العربيه .
كريم عماره - مصر
التعليقات