تتبدّل خبراتنا وتتجدّد يوميًّا في الحياة. وعلى جميع الأصعدة. وقد مرّت علينا جميعًا صفة النضج كوصف دقيق للأشخاص. لذلك أود منكم الإجابة على هذا السؤال. متى ينضج الإنسان؟ وما هي سمات الإنسان الناضج في رأيكم؟
متى ينضج الإنسان؟
اهلا
متى نقول نضج الطعام؟ أو نضجت الثمار؟ عندما تصبح جاهزة أو صالحة للأكل صحيح؟ ولننتبه أيضا أن الثمار قد نراها كبرت وأصبح شكلها ولونها رائعين لكن نخطأ عندما نقطفها قبل اكتمال نضجها، لأن نضجها لا يكتمل بالشكل فقط، بل داخلها هو الأهم، ستكون قاسية أو طعمها مر إذا لم تأخذ وقتها.
لذا شئنا أم أبينا العمر عامل مهم في النضج، النضج يحتاج وقت، وبالطبع الوقت وحده لا يكفي، نعود للأكل والثمار اللذيذة، ماذا تحتاج لتنضج، الطبخة تحتاج نارا، والثمرة تحتاج شمسا، وما يحتاجه الإنسان لينضج هي التجارب الكثيرة والتحديات الصعبة والمؤلمة بالأخص، لأنها تعلمنا أكثر مما تعلمنا أاياه التجارب السهلة التي لا نبذل فيها الكثير.
الطبخة لا يمكن أن تضعها على النار ثم تتركها وتعود لها وقد نضجت، عليك أن تتفقدها بين الحين والآخر، وقد تحتاج تحريكها، ربما احتاجت حرارة أعلى أو أقل، تحتاج تذوقها أحيانا لتعرف ما تحتاج من اضافات، أيضا هكذا الإنسان ينضج، عليه أن يكون منتبه غير غافل، لا يدري من هو وأين موضعه و ماذا يفعل وما الذي يدور حوله، عليه أن يتوقف بين الحين والآخر ويراجع نفسه وحياته، يراجع أخطاؤه، علاقاته، عمله، الخ. ليعرف ما يحتاج تغيره أو تعديله أو إضافته.
الطبخة أو الثمرة، تحتاج وقت لتنضج، أي تحتاج صبر، لن تحصل على ما تشتيهه وتستمتع به بسرعة، عندما يصل الإنسان لمرحلة النضج، التي هي بدورها مرحلة تتدرج لتصل لحكمة أعلى، يكون قد عرف نفسه أو لنقل عرف الكثير عن نفسه، لأنه سيبقى دائما شيء لا تعرفه إلا بوقته المناسب، ويكون قد عرف سنن الحياة، عرف كيف هي وكيف يعيشها، سيكون لديه الكثير من الخبرات في جوانب كثيرة، سيكون هادئ لا يتسرع في شيء، بالأخص القرارات، لذا سيقل خطأه، سيكون مستمتع بالحياة أكثر من أي وقت مضى وهي الحياة نفسها التي كان يعاني منها سابقا! سيكون لديه فلسفته الخاصة عنها، وصفات أخرى كثيرة تختلف من شخص لأخر وليس شرطا أن تجتمع كلها، فلن يصل الإنسان للكمال أبدا، والكمال للخالق وحده، لا كمال للمخلوق وهذا ما يجعله بحاجة لخالقه دائما، لذا العلاقة المطمئنة مع الله هي من أهم علامات النضج الحقيقي للإنسان.
أخيرا أقول، قد لا يصل الإنسان لمرحلة النضج حتى لو عاش أربعين أو خمسين سنة، لأن من لا يعقل ولا يفكر لا فرق بينه وبين من يمشي على أربع، النضج درجات متفاوتة بين الناس، الكل قد يصل لدرجة أو درجتين منه.
التعليقات