أنباء عن اصطدام نيزك بالكرة الأرضية..

تعالت الصيحات و البكاء و العويل..

أصبح الناس أكثر ازدحامًا على دور العبادة..

ليرحمنا الخالق بجمال عفوه و عظيم سلطانه.

أصبحت الأسواق أقل صخبًا، ربما أدركنا أخيرًا أننا نعيش في وقت لا ينفع فيه المتاع الزائل..

الجميع يصيح انتظروا لم نعش حياتنا بعد لم نستطيع أن نحلم، مر الوقت سريعًا أما كان للنيزك أن ينتظر.. 

هناك من يقول مازالت أحلم بفرصة أفضل للعيش و السفر لجميع أنحاء العالم..

و هناك من تقول مازالت أريد أن أتزوج ممن عشت معه قصة حب أسطورية..

الكل يصدح حولي ..

أما أنا فلا أفعل شيء سوى انتظار النيزك في هدوء..

استسلم بمنتهي السلام النفسي لقدري المحتوم.. 

أرى أنني عشت الكثير، وصارعت كتيرًا كثيرًا، الآن حان وقت استراحة المحارب الطويلة..

الفصل الأول .. من أنا 

لا يهم أنا أذكر إسمي أو سني أو حتى إن كنت شابًا أم فتاة .. 

فقط كل ما أريد أن أتلفظ به أنني أعاني اضطراب الشخصية الحدية، واضطراب اكتئاب ثنائي القطب.

كان يومًا عادي كالعادة أذهب إلى عملي، أحتسي أي نوع من المنبهات المهم أنني أريد أن يستيقظ عقلي من ثباته العميق.. 

أواجه زملائي في العمل بالوجه البشوش و الضحكات، وكل شيء بخير تمامًا..

الجميع يقول وظيفة مرموقة وتعليم مرموق، ماذا تريد أكثر من هذا؟

لا أحد يسمع، أو إن صح القول لم أستطع أن أجيد التعبير.

هكذا وصف بـ الشغف وحب الحياة  وحب التعلم..

توقف قليلا ….

هل هذا أنا حقًا أم ما أظنه عن نفسي؟، هل كنت شخصًا جيدًا؟

هل استحق المكان الذي أنا فيه؟

اعشق البحر كثيرًا، اتحدث معه دائمًا..

الفصل الثاني .. لست بخير 

لا أطيق الجلوس على البحر الآن .. 

ماذا يحدث لي لماذا أنا هكذا؟؟

ماذا ينتابني؟؟

اليوم تعديت معدل الغياب المسموح في العمل وهددت بالفصل، على الرغم من نشاطي وسعي للعمل باجتهاد لم يشفع لي غيابي المتكرر..

اليوم لا أريد الاستيقاظ من النوم، العالم الخارجي مكان سيء لتعامل معه..

ماذا حدث لماذا لم أعد أستطيع أن أتواصل مع أحد؟

أكره التحدث في الهاتف كثيرًا، التواصل عبر الرسائل شيء رائع تستطيع رسم التعبير الذي تريده خلاف ما تشعر به.

لم أعد أنا .. 

الجميع يقول لي أنني غير محتمل وأنني سيء وناكر للجميل.

الجميع ينتقدوني بشدة.

أريد أن أحتضن نفسي، لأقول لها أنا معكي لا تحزني؟

من معي؟؟ أنا أكرهني بشدة، لماذا أنا بهذا الشكل؟

لماذا ازداد وزني؟، أنا سيئة و فاشلة و لا أطاق، سأبقي وحيدة..

خيرًا لي أن أبقى وحيدة، كما قيل لي أنت شخص مرهق وصعب التعامل..

لكن البعض يقول لي أنت شخص رائع وصديق وفي وذو قلب نقي..

من أنا ؟؟ 

أموت من البكاء كل ليلة، أنتحب بصمت.. أعيش في ظلمتي، ظلمة نفسي وظلمة غرفتي، لا استطيع حتى ترتيبها.

الجميع يحكم على وأنا لم أعد أجد مبرر لهم، الجميع يفتخر بنجاحي الذي لا أشعر به..

يصاحب بكائي تشنجات وحركات تبدو كطفل صغير، أريد أن أستفرغ روحي خارجي، عقلي يشتغل وقلبي محطم، وكل شيء أمامي يكسوه السواد

الفصل الثالث.. لست بهذا السوء.

استرجع نشاطي من جديد وأعود لحالتي السابقة، أسأل عن الأحباء و المعارف..

استغل فترة نشاطي قبل الدخول في ظلمات الحزن.

فكرت كثيرًا في الذهاب لطبيب نفسي ..

اليوم تشجعت على القرار خاصة أنه يجمعنا عمل مشترك ..

بعدما تحدثت معها وجدت كل غضب في حياتي يتمثل فيه، في عدم قدرتي على دفع إيذائه أو التعامل معه.

كل كلمة سيئة قيلت لي ، تذكرني بأخرى قالها هو مسبقًا لي..

هل أهرب، واتركه خلفي.

هل البحر بمائه الواسع قادر على نقل جثماني بعيدًا عنه...

بعدما أجريت الإختيار طلبت مني، الذهاب لمختص أكثر بحالتي، لأنني أحتاج تدخل دوائي.

لم تحملني قدمي حينها، البعض يراه بالأمر البسيط..

لكن أردت الصراخ في وجه كل هذا بسببك، أنت سبب موت روحي..

أكملت الطريق وقررت الذهاب .. 

لأجري اختبار نفسي آخر، أكثر سؤال تردد صداه داخلي .. هل فكرت في الانتحار؟؟

لم أقل بالطبع، وإنما قلت دائمًا..

دائما أرى أنني ألقي بنفسي في البحر، أو عندما أعبر أمام القطار، أو ربما عند مرور السيارات..

أو اتخيل نفسي امسك بالسكين وأقطع الشريان الذي يغذي القلب، لأنني عذاب ذلك المسكين.

بعد الكثير من الأسئلة و الحديث قال التشخيص أنني مصاب باضطراب الشخصية الحدية، واضطراب ثنائي القطب واحتاج إلى تدخل دوائي حتى لا يزيد الأمر سوءًا

الفصل الرابع .. أخر يومًا على كوكب الأرض.

أنا ممتن لتجربة وجودي على كوكب الأرض، لعل روحي تجد السلام بعد إنتهاء هذا الكوكب…

أنا اتظاهر بالشجاعة فقط، من داخلي أصرخ لماذا؟؟

أريد أن أعيش، تلك النبتة الجميلة صبارتي الصغيرة، كنت أتطلع أن أراها تكبر.

لماذا ينتهي الآن كل شيء بعدما وجدت روحي السلام..

بعدما رأيته ..

لم أكن أظن أنني شخص أشعر ناحيته بهذا الشعور (الطمأنينة)

أنا أحب كل من قابلتهم في حياتي لكل داخل عقلي يتم اختلاق سيناريوهات عديدة أنهم لا يحبونني، ولا يتحملوني.

اليوم رأيت عينه كما كنت أتخيلها دائما هادئة مع ملامح هادئة، وصوت رخيم..

من عادتي أنني لا أنظر لأحد في عينه وأخاف أن يقتحم أحدهم مساحتي الشخصية ، لكن هذا مختلف..

أريد أن أكون بقربه.. أريد أن أقضي هذا اليوم و رأسي على كتفه.

لماذا لا يتمهل الزمن قليلا، لماذا لم نلتقي مسبقًا ..

عادت رأسي للإشتعال..

استمعت إلى الست و كأنني لم أسمعها من قبل ..

كان لك معايا ..

أجمل حكاية .. في العمر كله..

نعم هي أجمل حكاية ربما هي قصيرة، كنت أتمنى أن تستطيل حتى أحكيها لأحفادنا..

لكنها الليلة الأخيرة…

الفصل الخامس .. اللقاء 

مرحبا .. هل يمكننا أن نلتقي الآن؟

ألم أتوقع يومًا أنني سأكون بتلك الشجاعة، أو التهور..

لابد أنها حالة (الهوس)..

وليكن أنها آخر ليلة، لن تتأذي مشاعري من الرفض ..أو ربما تتأذي، لأنني أقابل بالرفض في ليلتي الأخيرة … 

ليكن ما يكن ..

وأخيرا جاءت اللحظة ..

أرتدي ثيابًا مبهجة، واضع عطري المفضل وانطلق.

البحر سيكون أجمل مكانًا للقاء…

ها قد وصلنا معًا…

أريد أن أقول أنها ربما الليلة الأخيرة، ومن يعلم هل سنلتقي في الجنة ؟

أريد أن أكون بجوارك في تلك الساعات الباقية نجلس سويا في مكان يحفه الورود من كل جانب..

أريد أن أقول لك أنني وجدت السلام معك..

أحس قلبي بالهدوء بعد سنوات كثير من الاضطراب والغضب المكبوت.

لا أريد سوى أن أكون بجوارك في تلك السويعات القليلة..

لعل تلك هي هدية الحياة لي، بعد صراعًا طويل ..

و أخيرًا تعطينا الحياة هدنة صغيرة من الصراعات فنجتمع سويًا في حديقة الأزهار، و تلفنا زهور البنفسج..

تلك اللحظة هي عزائي عن كل مكروه حدث لي، عزائي عن غضبي المكبوت الذي لم يخرج يومًا..

صالحتني الحياة بلحظة سعيدة في أخر يومًا لي على الكوكب..

  • هل لو نجونا سنبقي سويًا

       = بالطبع، لن نترك بعضنا يومًا.. سنظل معًا حتى يهرم بنا السن وتتأكل ذاكرتنا وحينها لن ننسي أيضا..

  • أظن أن الوقت قد اقترب كما قالت الأخبار..

= نعم .. أظنه كذلك..

لنغمض عيننا أو لا .. أريد أن يكون أخر شيء أراه هو وجهك..

والآن لنستلم لنهاية الكوكب بعدما وجدت بدايتي أنا..

و من يعلم ربما يكون هناك فرصة أخري...