يستيقظ فى السابعة صباحاً، اول ما يفيق عليه هو هاتفه، يتنقل بين التطبيقات، ثم يتفاجئ بعد قليل أن الساعة أصبحت الثامنة، ينهض من السرير متكاسلا، يبدل ملابسه ثم يتوجه إلى الكلية..ما إن وصل حتى قابل هايدي فصافحها واتفق معها على الخروج الى مقهى على البحر بعد آخر محاضرة..

يحضر محاضراته متأففا ينتظر انقضاء تلك الساعات المملة..

نفس الروتين كل يوم..

نفس الحياة..

بعد آخر محاضرة يقابل هايدي ويذهب معها الى مقهي مطل على البحر فى جليم..

-ماذا تشربين؟

-اي شىء يعدل المزاج.

-شيشة؟

بإبتسامة منحرفة: أري أن هذا يروق لى

يأخذ نفسا وينفث الدخان فى وجهها..تأخذ نفسا وتنفث الدخان فى وجهه..تمسك يده ويمسك يدها، وينقضى الوقت ويعود إلى منزله..

يدخل غرفته..يغلق الباب خلفه..يمسك هاتفه..يدخل على إحدي مواقع المحادثات الجنسية، ليتبادل الحديث البذيىء مع إحدى الفتيات، ويود من قلبه لو استطاع جذبها لمحادثة فيديو، ثم يأتيه النعاس فينام، ويكرر ما فعله فى اليوم الذي يليه، ثم الذي يليه، ويستمر فى أفعاله كل يومٍ، حتى جاء يوم ظهر أمامه فيديو على اليوتيوب بعنوان"تايه ليه..ومشتت نفسك ليه؟!"، ثم يتبدل المقطع تلقائيا لمقطع آخر يحتوى على آيات من بدايات سورة الأنبياء، يستمع ويشعر أن الآيات تتحدث عنه، فهو فى غفلة معرض، لاهٍى قلبه عن ذكر الله، استمع للآيات ثم بكى وقال لنفسه أياتى يوم الحساب وأنا غافل، وعاتب نفسه وقرر أن يتوب عن أفعاله وآثامه..كانت الساعة حينها الثالثة صباحا ولم يتبقي على آذان الفجر سوى ساعة، فقرر أن يظل مستيقظا حتى آذان الفجر..

حينما سمع آذان الفجر، قام فتواضأ وذهب الى المسجد كى يصلى..لقد كان ممن أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات واليوم هو يدخل المسجد كي يصلى، هذا صاحب القلب المظلم الغافل اللاهى، بدأ يتسرب له النور..أقامت الصلاة ودخل ليصلي، سمع الإمام فى الصلاة يتلو قول الله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا) لم يتحمل وبكى فى الصلاة، بكى حتى سمع المصلون صوت بكائه، لم تكن صدفة، بل إن الله هيأ له كل تلك الظروف من أجل هدايته..هو الله الذى هداه الى مقطع الفيديو على اليوتيوب..هو الله الذي هداه أن يصلى فى ذلك المسجد كي يسمع تلك الآية..هو الله الذي لو أراد خيرا بعبده هيأ له الظروف ليتقرب إليه..

تمر الأسابيع وقد تبدلت أحواله تماما، أصبح من حفظة القرآن ومن الساعين لطلب العلم الشرعي، بعد أن فرط فى الصلوات وهجر القرآن وغفل عن الأذكار وأعرض عن السنن والمستحبات، أصبح الآن عابدا تقيا محبا لما يحب الله..

"انتهت"