فى قاعة لا تسع إلا القليل من البشر، جزء منها مقسم لصنع المشروبات وبيع الأطعمة، والجزء الأخر مرصصة فيها المقاعد والمناضد ، يجلس رجل تخطى الستين من عمره، شاب شعره وتقوس ظهره وتباطئت خطواته، يجلس وحيدا بحقيبة ليس بها إلا القليل من الأطعمة لسد رمقه خلال اليوم، يخرج من الصباح الباكر قاصدا تلك المكتبة، يجلس فى الكافتريا يتصفح الجرائد، لقد تربى منذ الشباب على تصفح الأخبار ومن شاب على شئ شاب عليه، يجلس واضع قدم على قدم، يمر ثلث اليوم أو نصفه وهو فى الكافتريا ، يتركها أحيانا ويتجول بين أرفف الكتب حاملا معه جريدته، فمنذ الشباب وجريدته هى الكتاب المفضل لديه،  فى المكتبة الكل يعرفه، ولا يجهله إلا العجول؛ بينما الشباب والصغار والكبار يلتفون حوله، وكأنه صاحب الدار، ولا طعم لدار بدونه، هكذا كل من ألف المكتبة لا يذهب إلا ويلقى نظرة على الكافتريا ليجده جالس على مقعده وبجواره حقيبته فيلقى السلام ويضع أشياء بجواره ويذهب ليتجول بين أرفف الكتب، خاض البلاد شرقا وغربا ولم يجد أدفئ وأحن وطن خلا مصر، لقد تحقق فيه قول الشاعر(وسلا مصر هل سلا القلب عنها أو أسا جرحه الزمان المؤسى؟!).

#قصة_قصيرة

#منى_مهير